لا أريد أن أكون ديكورا يزين قاعة العرض معاناة رسمت ملامحها العريضة الإدارة والظروف المادية القاهرة حولها المسرحي لزرق سرور، رئيس جمعية الوسام الذهبي، إلى إبداع دائم ومتجدد ترجمه إلى أعمال مسرحية ترفض الرضوخ للبيروقراطية، حيث يكشف لنا سرور لزرق النقاب، في هذا اللقاء الذي خص به ''الحوار''، عن أمور وقضايا كثيرة تكتشفوها معنا. بالرغم من أن الجمعية التي تشرف عليها تأسست منذ ,2000 إلا أننا نلاحظ أن الأعمال المسرحية المقدمة قليلة جدا؟ قلة الإنتاج ترجع بالدرجة الأولى إلى التصرفات غير المبررة والبيروقراطية التي تمارس ضدنا من قبل القائمين على الساحة الثقافية في ولاية غليزان. ففي سنة 2004 قدمت العرض الشرفي لمونولوج ''الجدار العازل'' في إطار تظاهرة الأسابيع الثقافية التي تعكف جميع ولايات الوطن على تنظيمها من أجل تحقيق التبادل الثقافي، وحضر التظاهرة مجموعة كبيرة من القائمين على القطاع الثقافي بالولاية من مديرية الثقافة ومديرية الشباب والرياضة وكان العرض بمثابة إشارة للانطلاق في حرب التهميش والإلغاء من كل التظاهرات الثقافية والوطنية وغيرها ومن الإعانات المادية. وماكانت ردود فعل المسؤولين بعد هذا العرض؟ في ذلك الوقت، وعقب العرض مباشرة، لم أسمع شيئا ولم أرَ في الحقيقة أي تصرف. لكن بعد ذلك بدأت المعاناة حيث حولوا العرض من الخشبة إلى أرض الواقع وأقاموا حاجزا بيني وبينهم، وكانت أول خطوة قامت بها الهيئات الرسمية هو حرماني من المقر الذي كانت تنشط فيه الجمعية والذي كان متواجدا آنذاك في إحدى زوايا دار الشباب، وكانت حجة مديرية الشباب والرياضة أن القرار جاء بناء على أن ذات الهيئة تحتاج إلى المقر بغية توسيع مقرها والقيام بنشاطات خاصة. وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل تعداه إلى درجة حرماني من كل النشاطات الثقافية، حيث أصبح اسمي في القائمة السوداء لمديرية الثقافة، ووضعوني في قائمة الجمعيات المجمدة التي لا تستطيع ممارسة نشاطها والاستمرار فيه ''لا يعترف بنشاطها''. إذن هذه الإجراءات هي سبب توقفك عن العمل المسرحي وبالتالي وضع حد لطموحاتك في هذا المجال؟ لا بالعكس تماما، رغم كل هذه الإجراءات التي أسميها تعسفية والتي شكلت لي عقبات كثيرة لا يستطيع أي فنان في مكاني تخطيها بشكل سهل، إلا أنني بقيت صامدا أتحدى كل العوائق، وهذا نابع من إيماني العميق بأن التحدي والإرادة تصنع المعجزات. وتيقنت بأن الإمكانيات المادية لا يمكن أن تكون سببا في توقف موهبتي الفنية التي نمت في منذ نعومة أظافري، فأنا الآن في عقدي الثالث وبدايتي كانت في سن الحادية عشرة، فلا يمكن لأي شيء أن يعيق طريقي. والآن قمت بنقل المقر إلى منزلي حيث خصصت إحدى الغرف الصغيرة من بيتي المتواضع كورشة صغيرة لأتمكن رفقة أعضاء الفرقة المتكونة من ثلاثة ممثلين وتقني إدارة وموسيقي، من مواصلة العمل واستعملت أشياء منزلية من أجل إنجاح الأعمال المسرحية لكن للأسف نحن شرفنا الولاية والولاية همشتنا. بعد مونولوج الحاجز هل سيكسر لزرق هذا الحاجز بعمل مسرحي آخر يواصل به سلسلة الاحتجاجات والانتفاضة على الوضع القائم؟ أحضر لعمل فردي منولوج ''نزهة مكفسة''، كوميديا هادفة تحكي قصة الفنان الذي لم يستطع تحقيق ما يصبو إليه حتى في حياته اليومية والفنية والنفسية، وهو ما تركه مهزلة يتسلى به كل الناس حتى في الخطوة التي اتخذها من أجل الخروج من هذه الوضعية إذا به يجد نفسه يواجه خيبة أمل أخرى. وما هي الرسالة التي أردت تمريرها من وراء هذا العمل؟ أردت فقط القول وبكل بساطة إنهم أرادوا أن يخلقوا لي حاجزا ماديا لكنهم لم ولن ينجحوا في قتل روح الإبداع وحب الفن بداخلي. صحيح حرمنا من المساعدة المادية لكننا أردنا من وراء هذا أن نثبت للجميع بأننا موجودين. وجاءتني فكرة المونولوج الثاني انطلاقا من المونولوج الأول أؤكد من خلاله انه إن لم تفهم رسالتنا ولم تسمع أصواتنا ونداءاتنا فهذا عمل آخر موجه لكم. وماذا يقول لزرق عن الذين منحت لهم فرصة تمثيل الولاية في التظاهرات الوطنية الكبرى منها والصغرى؟ قدموا فرصة كبيرة على طبق من ذهب لمن لا يستحقها، فأنا ضد سياسة التطبيع مع الآخر وتمرير الأعمال الرديئة، وكلامي نابع من الواقع وليس من سياساتهم. وهنا أشير فقط إلى أن هناك طاقات شابة كبيرة لكنها لم تجد من يفجرها ويقف خلفها لتوجيهها بالطريقة الصحيحة، ووضعها في خانة الاهتمام أكثر فأنا ضد المسرح المناسباتي لا أريد ان أكون ديكورا يملأ الصالون، وشعارنا منذ تأسيس الجمعية ''لا لسياسة التطبيع مع الأعمال الرديئة''. وهل طالبتم بحقوقكم؟ توجهت إلى مديرية الشباب والرياضة بولاية غليزان للاستفسار عن الأمر فما كان جوابهم إلا أنهم بصدد القيام بأشغال على مستوى دار الشباب، وذلك لم يحصل بتاتا. ثم اتخذنا من مديرية الثقافة وجهتنا الثانية، هذه الأخيرة قالت إن الامور التي تتعلق بمديرية الشباب والرياضة ليست من اختصاصها باعتبارها هيئة مستقلة عن الثقافة والإجراءات التي تتخذها وحدها المسؤولة عنها ولا يحق لأحد التدخل فيها. كما قمنا بإجراء اتصال مع ذات المسؤولين بنفس الهيئة فذكروا أنهم سمعوا أخبارا مفادها أن الجمعية مجمدة بالرغم من أنه لم تصلنا أية رسالة بتوقيف النشاط أو محضر تجميد. مونولوج 2004 يحكي عن الحواجز التي تعرقل مسيرة الفنان ودخوله في طي النسيان، وعندما ينتج عمل ما يقابل بالرفض ويصبح بمثابة نقطة سوداء تعرقل مسيرته الفنية. المهم ان الولايات الأخرى تتصل بنا في كل المناسبات والتظاهرات وتدعونا للمشاركة وهذه شهادة نعتز بها. هل لك أن تقدم لنا مقطعا من المنولوج؟ ''هكذا كان جدار برلين هوما صحيح كسروه ورفدوا منوا وحملوا قطعة منوا وحطوها في المتحف باش تبقالهم ذكرى وعبرة اما انت جدار اليوم نحطمك نرشفو بيك الما غبارك اومايطلعش''. هل هناك مساندة من فرق مسرحية أخرى ضد هذه الإجراءات؟ الفرق المسرحية التي ظهرت عقبنا بعد تجميد عملنا ليمثلوا الولاية، لا يقدمون عروضا مسرحية متكاملة وأتحدى أي جمعية لديها رصيد كرصيد جمعية ''الوسام الذهبي''. وما هو واقع الفن الرابع في مدينة غليزان؟ دون تحيز ومبالغة لا يوجد عندنا مسرح محلي، ولا توجد لدينا عروض مسرحية سواء للكبار أو الصغار. هناك عروض عشوائية خالية من التقنيات المسرحية مما فتح المجال واسعا لغير أهل الفن لتقديم ما لا علاقة له بالفن الرابع. كلمة أخيرة؟ نتمنى إعطاء الشيء لأهله وإلغاء الحواجز حتى يبدع الفنان والإدارة تتشرف، وبذلك نستطيع أن نخلق جمهورا مسرحيا. وأملنا هو تحقيق الانفتاح بعد الانسداد.