أجمع خبراء في تكنولوجيات الإعلام والاتصال أن ما أحدثته الثورة الرقمية من تغيرات اقتصادية جذرية، لم يعد خيارا، بل هو حتمية تفرض علينا في الجزائر على غرار الدول التي تعرف فجوة رقمية، تعميم استعمال التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال وضرورة استغلالها إلى أقصى حد ممكن، من أجل الانتقال إلى مجتمع المعرفة والاقتصاد الرقمي. وأوضحوا، أمس في ندوة المجاهد، حول هذا الموضوع، أن الجزائر وبالرغم من المجهودات المبذولة في مجال استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال لاسيما في بعض القطاعات إلا أن الفجوة الرقمية مازالت قائمة وواضحة للعيان، مما يتطلب من السلطات العموية، النخب والمواطنين كافة، نشر ثقافة استخدام هذه التكنولويات والتمكين من أدواتها وآلياتها حتى يتسنى التكيف مع ثورة الإعلام والمعرفة والتقليص من الفجوة الرقمية. وأبرز المدير العام بوزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال السيد بن محرز شريف بأن الوزارة، شرعت منذ 2009 في تجسيد مخطط الجزائر 2013 لإرساء قواعد الحكومة الإلكتروية، حيث تم خلال سنة إعداد الإطار القانوني والتشريعي، ويجري الإعداد أيضا لخلق محيط لتجسيد هذا المخطط، مثل الثقة، الشفافية وثقافة تقديم الخدمات للمواطنين في أسرع وقت، وقال المسؤول، إن التقدم الاقتصادي اليوم هو بلوغ الاقتصاد الرقمي ومجمع المعلومات، وأعطى مثالا على ذلك بسنغافورة التي لا تقدر مساحتها إلا ب600 كلم 2 ولا يسكنها سوى 4 ملايين نسمة ولاتتوفر على موارد طبيعية لكن مداخيلها السنوية تقدر ب30 إلى 40 مليار دولار سنويا. ومن جانبه، انتقد المدير العام للذكاء الاقتصادي بوزارة الصناعة وترقية الاستثمار، السيد باشا نور الدين، وأعاب على المؤسسات عدم توفرها على محاسبة تحليلية، والموجود منها هو شبيه بمحاسبة سبعينيات القرن الماضي، في الوقت الذي نعيش فيه ثورة المعرفة والاقتصاد الرقمي. وأضاف مسؤول الوزارة، أن هناك فجوة محلية في استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، حيث ليس في متناول كل إطارات الوزارات والمؤسسات مثلا استعمال الانترنيت، إلى حد "صار هذا الأخير هو الكاشف لضعفنا"، وأضاف خلال مناقشته لإشكالية الفجوة الرقمية في الجزائر، "أننا لا يمكننا أن نتحدث عن الانتقال إلى مجتمع المعرفة ونحن نستهلك المعلومات فقط من دون المساهمة في إنتاجها". ولتبيان هذه الفجوة الرقمية، أوضح السيد باشا بأن الدول المتقدمة تستحوذ على 75 بالمائة من إنتاج المعرفة واستخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال و20 بالمائة هي مساهمة بعض الدول التي توصف بذات الاقتصاديات المندمجة، ولا تقدر مساهمة بلدان العالم كله إلا ب5 بالمائة، نسبة البلدان الإفريقية منها 0.25 بالمائة. أما السيد دحمان عبد المجيد من مركز البحث في الإعلام التقني والتكنولوجي، فقد عبر عن تفاؤله بمستقبل الجزائريين في مجال قدرة استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال والانتقال إلى مجمع المعرفة، وذلك حسب دراستين قام بهما حول هذا الموضوع، حيث كما قال، ذهلت لقدرة استعمال هذه التكنولوجيات حتى في المناطق الداخلية المعزولة ومن طرف جميع الشرائح. ومن جهته أكد السيد زروقي جمال الدين، صاحب مؤسسة خاصة في ميدان تكنولوجيات الإعلام والاتصال، على ضرورة الإعداد البشري والاعتماد على الموارد البشرية المحلية في تشجيع وتحفيز المواطنين على استعمال هذه التكنولوجيات في حياتهم اليومية والمهنية إلى جانب تمكينهم من هذه الأدوات التكنولوجيات ولم يخف السيد زروقي أن تكوين 5000 إلى 6000 مهندس في تكنولوجيات الإعلام والاتصال سنويا، يعد شيئا، ضعيفا، في وقت نعيش فيه فجوة رقمية. وركز السيد شكيب بن مصطفى وهو خبير محاسب لدى وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، على أهمية استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال في تنظيم وإعادة تأهيل المؤسسات وفي تسيير المشاريع وبرامجها المندمجة.