تسعى لجنة الاتصال للطريق العابر للصحراء والتي تضم كلا من الجزائر، تونس، مالي، النيجر، التشاد ونيجيريا إلى إقناع هيئات التمويل الإقليمية والدولية من أجل المساهمة في انجاز ال223 كلم المتبقية من المشروع على تراب النيجر من منطقة أرليت إلى الحدود مع الجزائر. فقد كشف كل من وزير الأشغال العمومية السيد عمار غول والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل أمس، بأن هذه اللجنة التي التأمت أمس في دورتها ال52 بفندق الأوراسي بالجزائر ستجتمع في طاولة مستديرة في 19 ماي القادم بعاصمة النيجر نيامي، لتوجيه دعوة صريحة للبنك الإفريقي للتنمية وهيئات تمويل إقليمية ودولية للمساهمة في تجسيد ما تبقى من المشروع، مع العلم بأن القيمة الإجمالية المطلوبة لاستكمال الشطر المتبقى لن تتجاوز ال180 مليون دولار. وذكر السيد غول بالمناسبة بأن الجزائر قدمت إسهامها في تجسيد هذا الشطر المتبقى من المحور الرئيسي للطريق العابر للصحراء من خلال تكفلها بتمويل الدراسة التقنية التي تخص ال223 كلم المتبقية، مجددا الاهتمام الخاص الذي توليه الجزائر لاستكمال هذا المشروع الحيوي الذي يمتد محوره الرئيسي على طول 4600 كلم، وذلك انطلاقا من حرص رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة على تفعيل عوامل التنمية في إفريقيا وتجسيد أهداف مبادرة الشراكة الجديد لتنمية إفريقيا ''نيباد''، التي يعد أحد ابرز مهندسيها. كما أبرز الوزير أهمية الجهود الكبيرة التي تبذلها الجزائر من أجل انجاز هذا المشروع القاري الإستراتيجي الذي سيكون موصولا بمشاريع قارية أخرى على غرار مشروع انبوب الغاز الرابط بين لاقوس بنيجيريا، وجنوب أوروبا وكذا مشروع الربط بالألياف البصرية بين الجزائر ولاقوس، مشيرا في هذا الصدد إلى تسليم الجزائر لحصتها من المحور الرئيسي للمشروع الممتدة من العاصمة إلى عين قزام على طول 2400 كلم، والذي رصد له 70 مليار دينار في إطار البرنامج التنموي الخماسي 2005-,2009 وعملها حاليا على ترقية محاور الربط بين هذا الطريق الحيوي والطريقين الوطنيين رقم 3 بشرق الجزائر ورقم 6 بغربها، علاوة على قرارها بتأهيل كامل حصتها من المشروع من طريق عابر للصحراء إلى طريق سيار عابر للصحراء، حيث تم الشروع في تأهيل 350 كلم، وسيتم قريبا برمجة حصص أخرى للتأهيل. وبخلاف جهودها الميدانية والتقنية، تعتمد الجزائر على خبرتها الدبلوماسية من أجل تشجيع شركاء القارة وتحفيزهم على تقديم الدعم الكامل لهذا الطريق القاري الذي لن تعود مزاياه على الدول الستة المعنية بشكل مباشر بالمشروع فحسب، وإنما ستستفيد من أبعاده الإقتصادية كافة دول القارة السمراء إضافة إلى الدول الأوروبية التي سيمكنها الطريق من خلق تبادلات أكثر مرونة بتوفيره لفضاء أكثر سرعة وأمان وأقل كلفة في مجال النقل التجاري. وفي هذا السياق، أكد الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية بأن الطريق العابر للصحراء سيفتح آفاقا اقتصادية جديدة لدول القارة من خلال خلقه لسوق كبيرة تشمل نحو 500 مليون نسمة تقطن بالدول الستة المعنية به بشكل مباشر، إضافة إلى الفضاءات الأخرى المجاورة، كاشفا في هذا الصدد عن مفاوضات تجريها حاليا الجزائر مع دول المجموعة الإقتصادية لغرب إفريقيا، والتي قد تكلل حسبه هذه السنة بالتوقيع على اتفاقية بين الطرفين تسمح للمنتوجات الجزائرية بدخول أسواق المجموعة معفية من الضرائب. وأبرز السيد مساهل في هذا السياق الأهمية الإستراتيجية التي يمثلها مشروع الطريق العابر للصحراء بالنسبة لدول القارة، باعتباره يمثل ابرز مشاريع الهياكل القاعدية التي تم ادراجها في الأهداف العشرة للنيباد. مذكرا بالمناسبة بالأهداف المتعددة للمشروع الذي سيبعث الحياة من جديد في العديد من المناطق المعزولة بالصحراء، إلى جانب كونه محركا للتبادل والتعاون الثقافي والفني بين سكان المناطق التي سيجمع بينها الطريق. وخلص الوزير المنتدب إلى ضرورة إسهام هيئات التمويل الإقليمية والدولية في تجسيد هذا المشروع الحيوي الذي يعتبر بمثابة التحدي بالنسبة لكافة دول القارة، لا سيما وان انجازه سيكون بمثابة أول ربط بين شمال إفريقيا وجنوب الصحراء، وبالتالي العودة إلى تكريس تاريخ المعابر التي كان يسلكها سكان القارة في الماضي والتي كانت تعرف بطريق القوافل. وفضلا عن الأبعاد الإقتصادية الإجتماعية والثقافية التي يحملها، فإن مشروع الطريق العابر للصحراء يحمل بعدا آخر لا يقل أهمية عن سابقيه، بل يحتل أولوية انشغالات دول المنطقة المعنية بالمشروع، ويتعلق الأمر بالبعد الأمني الذي أصبح يشكل أهم أولويات التنمية لدول القارة بشكل عام ودول الساحل الإفريقي بصفة خاصة، وفي هذا الإطار فإن مشروع الطريق العابر للصحراء سيقدم خدمة جليلة لعمليات التعاون والتنسيق الميداني بين دول المنطقة، على اعتبار أن عملية تهيئته على مستوى النقاط الحدودية، ستمكن من مراقبة عمليات التهريب وكل الحركات المشبوهة التي قد تتم خارج الإطار المزفت الذي يمثل الطريق الرسمي. وتجدر الإشارة إلى انه إلى جانب المحور الرئيسي للطريق العابر للصحراء فإن الجزائر أنهت مؤخرا الدراسة التقنية الخاصة بمحور الربط الذي يوصل الطريق بالحدود المالية على مسافة 400 كلم، والذي من المقرر الانطلاق في انجازه قريبا، في حين تقدر مصادر مسؤولة المدة الكافية لإنهاء الشطر المتبقي من المحور الرئيسي للمشروع (223 كلم) بنحو 3 سنوات كأقصى تقدير، مما يعني ان مشروع الطريق العابر للصحراء قد يكون جاهزا بشكل كامل في غضون سنة .2014