حذر مختصون قانونيون من تحول القانون الدولي الإنساني إلى حق للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحت غطاء حماية هذه الدول في إطار القانون الإنساني الدولي وهو ما اعتبروه خرقا صارخا ودوسا على سيادة تلك الدول· أوضحت السيدة زبيدة عسول رئيسة الهيئة الإدارية للشبكة القانونية للنساء العربيات بالجزائر أن الحق الدولي الإنساني هو مجموعة من القواعد التي تعمل على حماية الأشخاص من الصراعات المسلحة والحروب، وأضافت المتحدثة خلال الندوة التي نظمتها جريدة المجاهد أمس حول "الحق الدولي الإنساني" أن هذا الحق لا يطبق إلا في حال النزاعات المسلحة بين الدول أو داخل الدولة الواحدة· موضحة أن هذا الحق يحمي المدنيين والأشخاص الذين لا علاقة لهم بالنزاع وكذا حماية المنشآت والمرافق الضرورية ذات المنفعة العامة ومنع قصفها· وفي هذا السياق، حذرت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم من استغلال الحق الدولي الإنساني لأهداف أخرى حيث يصبح حق التدخل لحماية الأشخاص فرصة لاستمرار الصراع أو لتحقيق أهداف معينة وهو ما سيتحول حسبها إلى جريمة ضد الإنسانية وليس حماية لحق الإنسانية، مستدلة قولها بقضية "لارش دو زوي" بين فرنسا وتشاد مؤخرا والتي أثارت ضجة كبيرة والتي اعتبرتها خرقا واضحا للحق الدولي الإنساني تضيف الأستاذة بن براهم التي اتهمت فرنسا "بالدوس على القانون ومحاولة اختطاف هؤلاء الأطفال ما دام أولياؤهم موجودين"· وفي هذا الصدد دعا المتدخلون في الندوة الى تكثيف الجهود الدولية لوقف هذه الانزلاقات والتلاعب بالقانون الدولي· من جهة أخرى؛ دعت المحامية السلطات الجزائرية للتدخل من أجل الفصل في قضية الطفلة الجزائرية "صافية" التي يدعي مواطن فرنسي أنها ابنته بعدما كان متزوجا مع أمها الجزائرية التي توفيت، وتقول محدثتنا أنه لا توجد أية أدلة تثبت صحة أقوال هذا الشخص الفرنسي الذي تدخل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي شخصيا في إطار الحق الدولي الإنساني لدى السلطات الجزائرية لمطالبتها بتسيلم الطفلة صافية رغم أن هذا الشخص لم تدم علاقته الزوجية لمدة طويلة مع أم صافية بما يسمح لها بالحمل، كما أنه رفض إجراء التحاليل التي تثبت أن الطفلة ابنته بيولوجيا، حسب المتحدثة التي قالت إن هذا الرجل كان متزوجا قبل أم صافية لمدة 20 سنة ولم يتمكن من الإنجاب لأنه "يعاني من العقم"، وبالتالي لابد من التأكد من كل هذه النقاط قبل تسليم الطفلة للتأكد من صحة أبوته، لأن تسليمها دون ذلك يعد مساسا خطيرا بسيادة الدولة الجزائرية واختطافا في حق الطفلة التي تؤكد عائلة أمها التي تتولى حضانتها أن والدها جزائري وترفض تسليمها لفرنسا، خاصة وأن الجزائر وقعت على كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالحق الدولي الإنساني لحماية الأشخاص قبل وبعد الاستقلال كمعاهدة جنيف لحماية الجرحى، التعامل مع المساجين، وحماية المدنيين أثناء الحروب· كما استنكرت الأستاذة بن براهم إطلاق السلطات الأمريكية على محتجزي سجن غوانتنامو من الجنود مصطلح "مقاتلين معادين" عوض سجناء حتى لا يستفيدوا من الإجراءات التي تطبق على السجناء في السجون· وفي هذا السياق انتقدت المتحدثة ما وصفته بالتحايل على القانون الدولي الإنساني وحق التدخل، مشيرة الى قول احد القانونيين قديما الذي عرّف حق التدخل بأنه "يتضمن الاعتراف بقانون دولة أو أكثر للتعدي على سيادة دولة أخرى في إطار أمر متفق عليه من قبل السلطات الدولية"· وأشاد منشطو هذه الندوة بالخطوة التي توصلت إليها الجزائر في مجال تطبيق الحق الدولي الإنساني من خلال تطبيق الاتفاقيات المصادقة عليها في أرض الواقع خاصة في التعامل مع المساجين، حسبما ذكرته السيدة عسول، التي أكدت وجود برنامج جديد سيسمح للجنة الهلال الأحمر من معاينة ظروف الحبس المؤقت للأشخاص الموقوفين وكيفية التعامل معهم في مراكز الأمن والدرك الوطني أثناء التحقيق قبل تقديمهم الى وكيل الجمهورية·وفي سياق منفصل؛ دعت الأستاذة بن براهم السلطات إلى التدخل لمراقبة السلع من المساعدات الدولية التي تدخل الجزائر والتي تبين في عدة مرات أنها غير صالحة للاستهلاك وذلك دائما في إطار "الحق الدولي الإنساني" لحماية صحة المواطن·