أكد قانونيون جزائريون بأن مبدأ "حق" و"واجب" التدخل في الشؤون الداخلية للدول الذي صادقت عليه منظمة الأممالمتحدة في سنة 2005، يتنافى تماما مع أحكام ميثاق نفس هذه المنظمة الذي ينص على حفظ سيادة الوطن، واستدل هؤلاء القانونيون خلال المائدة المستديرة التي احتضنها منتدى "المجاهد" أمس، بحالات عديدة انتهكت فيها دول عظمى سيادة دول أخرى ضعيفة تحت غطاء هيئات ومنظمات دولية وباسم حماية حقوق الإنسان وتقديم الدعم والمساعدة· ومر القانون الدولي حسب الأستاذة "عسول" قانونية ورئيسة جمعية القانونيين العرب، عبر عدة مراحل، فبعد بروز المنظمات غير الحكومية والتكنولوجيات الجديدة للاتصال في سنوات الثمانينيات ظهر ما يعرف اليوم ب "حق" و"واجب" التدخل الذي صادقت عليه منظمة الأممالمتحدة في سنة 2005 بإجماع المجتمع الدولي وذلك قصد حماية المواطنين، وهو الحق والواجب الذي استغلته بعض البلدان القوية كذريعة للتدخل في شؤون بعض البلدان الضعيفة كما يؤكده الأستاذ "شرفي"، موضحا أن التدخل في شؤون البلدان يبقى خرقا لسيادتها، وإذا كانت الغاية الأولى من إصدار هذا المفهوم الجديد هي تقديم يد المساعدة للبلدان التي تواجه خطرا، يقول شرفي أن بعض البلدان القوية تلجأ إليه لأغراض استراتيجية وللاستفادة من ثروات البلدان التي تتدخل في شؤونها الداخلية، كما هو الشأن في العراق ودارفور· وشددت الأستاذة عسول على أن حق وواجب التدخل غير منصوص عليه في القانون الدولي الذي يتنافى تماما مع هذا المصطلح الجديد الذي صنعته "دول قوية"، كما أنه غير مؤسس وليست له قاعدة في القانون الدولي ولا مفهوم قضائي، وعلاوة عن ذلك فإنه غير شرعي وينتهك سيادة الدول، وذلك في وقت يعتبره البعض بأنه تطور إنساني للمجتمع الدولي ويسمح بتقديم المساعدة والدعم للدول الضعيفة كما تقول الأستاذة عسول· وأكد من جهته الأستاذ "عزي"، أن مفهوم حق وواجب التدخل يتنافى مع ميثاق الأممالمتحدة الذي ينص على عدم التدخل في شؤون الداخلية للدول، مشيرا أن العلاقات الدولية عرفت تغييرات جذرية بعد الحرب الباردة بعد استحداث منظمات دولية تجمل غطاءات كثيرة وتخضع لضغط القوى العظمى وتأثيرها، فهي توجهها كما تشاء، وتفرض هيمتنها ومسارها باستعمال هذه المنظمات تحت غطاء "نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان"، وبحجة التصدي لاستبداد النظام السائد في هذه الدول أو حماية الأقليات العرقية والدينية، وقد لجأت دول عظمى إلى اصطناع نزاعات في بعض الدول قصد خلق نزاعات كي تتدخل فيما بعد لحماية الأقليات كما هو الشأن في العراق الذي اشتدت فيه النزاعات بعد التدخل الأمريكي· ويرى الأستاذ بن طالب، بأن مبدأ التدخل يصطدم بمبدأ السيادة، موضحا بأن القانون الدولي وصل إلى بداية نهايته بعدما أصبح القوي فقط هو صاحب القرار وبعد خرق ميثاق الأممالمتحدة والإعلانات اللاحقة له بدليل أن بعض البلدان، على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، تستعمل مختلف أنواع الأسلحة ضد المدنيين وتستعمل مبدأ حق وواجب التدخل كتغطية لبلوغ أهدافها وتحقيق مصالحها·