سمح احتكاكنا المتواصل بطلاب معهد علوم الإعلام والاتصال بفضل تكفل صحيفة ''المساء'' بتربص عدد كبير منهم في أقسام تحريرها إلى اكتشاف عدة حقائق وجعلنا نطرح سؤالا محوريا حول نجاعة التكوين الذي يتلقاه صحفي ''المستقبل'' على مدار أربع سنوات ومدى تماشيه مع الواقع الميداني الذي يواجهه هؤلاء عندما يريدون الالتحاق بمهنة المتاعب. والحقيقة الأولى التي وقفنا عليها من خلال تعاملنا مع هؤلاء الطلبة أنهم يجدون صعوبة كبيرة في التأقلم مع واقع الممارسة اليومية ويكتشفون وهم يدخلون قاعات التحرير لأول مرة أن ما درسوه في المعهد لا يؤهلهم لصياغة خبر قصير فما بالك بمقال أو القيام بتحقيق أو استطلاع فذلك ضرب من الخيال. والمؤسف أن الطلبة وهم يصطدمون بواقع العمل الصحفي ومقارنة مؤهلاتهم وما يطلب منهم كثيرا ما يصابون بالإحباط وتثبط عزائمهم بل أن الكثير منهم ولدت لديهم ما يعرف بعقدة الكتابة ودفع ببعضهم إلى مقاطعة التربص وبآخرين إلى العزوف تماما عن ممارسة مهنة المتاعب بقناعة ''ماذا أفعل هنا'' إقرارا منهم أنهم لن يتمكنوا من العمل كصحفيين إلا القلة القليلة منهم. وهي حقيقة مرة لا يمكن تفسيرها إلا بنقص التكوين إن لم نقل انعدامه والذي من المفروض ان يستفيد منه الطالب بالموازاة مع ما يتلقاه نظريا، وهو ما يخلق اختلالا في معارف خريجي معهد الإعلام. وقد أخذنا عينة طلبة معهد الإعلام لاتصالنا المباشر معهم ولكنها معضلة كل المعاهد والجامعات الجزائرية التي تطرح فيها إشكالية المستوى العام للطلاب. والمفارقة أن الداء قائم والجميع يدركه ولكن من يعالجه وهل نعتمد النوعية أو الكمية في التكوين وهنا يكمن بيت القصيد؟