"حمصي، الفن والحياة" هو العنوان الذي اختاره الفنان الجزائري حمصي بوبكر لتقديم مجموعة أعماله الفنية في معرض يقام منذ 11 فبراير الجاري ب"دار فرانسيتي" ببروكسل، ليضاف بذلك إلى المعارض المختلفة التي أقامها طوال مشواره الفني الثري والمتنوع· المعرض يندرج في إطار تبادل الثقافات والانفتاح على الآخر، التسامح، الثراء والتنوّع الثقافي مع المحافظة على الهوية الأصلية، وهو ما تجسّده بامتياز أعمال الفنان حمصي بوبكر ابن منطقة بجاية الذي عرف كيف يتشبّث بأصوله الثقافية وهويته العربية الإسلامية والأمازيغية، رغم تشبّعه بالثقافة الغربية التي اكتسبها منذ إقامته ببلجيكا وهو في الربيع السابع والعشرين· هذا التشبث الذي يتجسّد حيا في أعمال الفنان المتكامل الذي جمع بين الكتابة، الموسيقى والفن التشكيلي، عبر لوحاته الزيتية والرسم على الخزف، لتأتي أعماله انعكاسا حقيقيا لواقع الحياة في مسقط رأسه "بجاية" من خلال طبيعتها الجميلة التي تميّزها جبالها الشاهقات وسهولها الخضراء وأشجار الزيتون وبيوتها القديمة، إلى جانب تجسيده للحياة اليومية في المنطقة عبر الأشغال في البيوت والحقول، والعمل في البستان بالإضافة إلى الملابس التقليدية والحلي المتميّزة وحفلات الأعراس، وكذا بورتريهات تصوّر المرأة القبائلية ··· كلّ ذلك شكّل المادة الخام لرسومات حمصي· وتمكّن بذلك الفنان من تحقيق التسامح والسلم الثقافي ويعدّ من بين الفنانين القلائل الذين يمثّلون "يد الأم "الممدودة للجميع، جسّدها متكاملة في أهم أعماله "أيادي الأمل" التي ضمّت رمزية للتحية والسلام بين الأفراد والشعوب أعمال الفنان بعيدة عن الجمود، الجدية، التشدّد والقسوة، فهي مزيج من الألوان المضيئة والحارة والمتموّجة كالحياة في حركيتها والتي يعدّ هدفها الأساسي افتكاك الإعجاب عبر عودتها للتاريخ وتقديمها لقراءة خاصة في التقاليد بطريقة بسيطة أحيانا ومركّبة أحيانا أخرى · يذكر أنّ بوبكر حمصي كان من بين تلاميذ "معهد الموسيقى التقليدية" ببجاية كمغني جوق إلى جانب الأستاذ الصادق لبجاوي - قبل أن يضيف إلى مسيرته الفنية تعابير الريشة والألوان - وهناك تعرّف عن قرب على التراث الموسيقي الأندلسي والأمازيغي والشعبي، لينتقل إلى العاصمة في 1967 حيث أتمّ تعليمه الموسيقي، لينطلق بعدها في عالم الموسيقى ويقدّم عدّة أغانٍ وينتج أول أسطوانة بعنوان "حورية - نجمة"، وفي 1979 سافر إلى فرنسا حيث سجّل عدة أغان مع فرقة "أزواو" وفي 1980 ترك فرنسا واستقر في بروكسل· الرصيد الفني والفكري للفنان ثريّ جدّا، حيث جمع بين الحفلات الموسيقية والفنية التي قادته في جولات إلى عدّة بلدان كبلجيكا وهولندا ··إلى جانب تنظيمه لمعارض فنية لا تحصى بكل من بجاية، بلجيكا، سويسرا، وفرنسا··· كما أصدر حمصي عددا من المؤلّفات على غرار كتاب "إذا أردت السلام حضّر الطفولة" الذي قدّمه بالاشتراك مع منظمة اليونيسف، إلى جانب كتاب "بصمات"، الصادر عن دار "فلامبوا" في الفن التشكيلي، كما شارك الفنان في وضع موسيقى أفلام وثائقية منها فيلم "كاتب ياسين ، الحب والثورة" و"حدود الذاكرة"· وقد حاز الفنان على عدة تكريمات من بينها الجائزة الأولى للمتاحف في المسابقة الدولية التي نظمها متحف "الفن البريء" في 1989، وعلى دبلوم الشرف في المعرض الدولي "بريسما 90 " ببلجيكا، وحصلت مجموعته "أيادي الأمل " الخاصة بالأطفال على جائزة اليونسكو الخاصة بالأعمال الثقافية من أجل السلام، وسيتم في جوان المقبل تكريمه على مجمل أعماله، وإنجاز فيلم وثائقي حول حياته من اخراج يفيس جرفي·