أياما قليلة قبل استقبال شهر رمضان المعظم، أضحت بعض المهن الموسمية المرافقة لموسم الاستجمام، علامة مسجلة طبعت يوميات العاصميين عبر مختلف الازقة والاماكن العمومية، من بينها تجارة المياه المعدنية التي أضفى عليها الباعة المتجولون طابعا خاصا بصيحاتهم المدوية في محطة نقل المسافرين، الأسواق والحدائق العمومية، وعرفت ردودا فعل متباينة من طرف المواطنين، بين مقبل على الشراء خلال أيام الحر الشديد، ومدبر عنها لارتفاع ثمنها الذي بلغ ضعف سعرها الحقيقي. قد يبدو الموضوع للقارئ بسيطا ومعروفا، بل ومنطقيا، كونه يتزامن مع كل فصل صيف، لكن الجديد فيه هو الانتشار الواسع لشبكة الباعة المتجولين عبر أنحاء بلديات العاصمة مقارنة بالسنوات الماضية، بالموازاة مع تناقص وجود خزانات المياه التي ألف المواطنون وأصحاب المحلات وضعها بمختلف الاماكن كمبادرات فردية اعتاد عليها الجميع، رغم الإشكالات الصحية المنجرة عنها والتي يجري الحديث عنها كل سنة.. ''المساء'' حاولت تسليط الضوء على الظاهرة والدوافع من خلال خرجة ميدانية عبر بشوارع العاصمة وضواحيها... الباعة يختارون أماكنهم بعناية ''سعيدة باردة'' هو الشعار الموحد الذي ينادي به هؤلاء لدغدغة مشاعر زبائنهم في جو صيفي عبر مختلف الاماكن الإستراتيجية، التي يختارونها بعناية بعيدا عن المحلات والاكشاك التي تنافسهم في بيع قارورات المياه المعدنية من الحجم الصغير بسعة 33 سل و5,0 لتر، وتتراوج أسعارها بين 25 و30 دينارا، ناهيك عن درجة برودة هذه المياه التي تصل الى درجة التجمد حسب ذوق الزبون! اخترنا وسط العاصمة للتقصي أكثر عن الظاهرة، فكانت البداية بمحطات نقل المسافرين التي تعبتر أفضل المواقع لتصريف هذه السلعة، حيث تشهد مواقف الحافلات بكل من تافورة، 02 ماي وباقي المحطات الرئيسية كساحة الشهداء وعيسات ايدير بلوزداد انتشارا واسعا ومدروسا لهؤلاء الباعة، الذين لا يكتفون بعرض سلعهم على الأرصفة، بل يعرضونها داخل الحافلات لتقريب الخدمة اكثر من المستهلك، صادفنا ''مراد'' وهو أحد الباعة المتجولين اعتاد على تجارة المياه المعدنية مع بداية كل فصل صيف، خاصة وهو ابن حي باب الوادي القريب من هذه المحطة، اعترف لنا بصعوبة العمل هذه السنة، بسبب المنافسة الشديدة، وقال أنه يقتني قارورات المياه المعدنية من بعض محلات بيع المواد الغذائية بأسعار تتراوح ما بين 13 و15 دينارا ليبعها ب 25 للقارورة الواحدة. وانتقلت هذه الظاهرة إلى محطات قطار الضواحي وحتى داخل القطارات، خاصة تلك التي لا تتوفر على مكيفات هوائية، حيث يقبل المسافرون على التزود بهذه المياه للتخفيف من وطأة الحر، وهو ما ينطبق على رواد الاسواق والحدائق العمومية عبر أنحاء العاصمة. تباين في الإقبال اختلفت ردود الافعال حول مدى اقبال المواطنين على اقتناء قارورات المياه عند هؤلاء الباعة المتجولين، فبعضهم ممن تحدثت إليهم ''المساء'' يرى أنه لا مفر من الرضوخ للأمر الواقع، باعتبار أن الحاجة الى الماء ليست من الكماليات، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، ناهيك عن اعتبارها خدمة تحت الطلب، وهو ما يدعمه رأي آخر، يرى بأن فارق السعر يعتبر قليلا نوعا ما إذا ما قورن بالاسعار المطبقة في الشواطئ وحتى مراكز التسلية بابن عكنون والمحمدية، حيث يصل الى 50 دينارا لقارورة من الحجم الصغير، وهو ما أكده بعض الاولياء في عين المكان، وبالمقابل، أكد البعض الآخر احجامهم عن الاقتناء في ظل ارتفاع اسعارها بالموازاة مع وجود المبادرات الطيبة من طرف المحسنين وأصحاب المحلات، الذين يوفرون خزانات مياه بمختلف الاماكن العامة والطرقات رغم نقص عددها مقارنة السنوات الماضية ربما بسبب ما قيل حول أخطارها على الصحة العمومية.