لاستقابل الضيف الغالي بدأت العائلات السوق أهراسية وعلى غرار العائلات الجزائرية تحضر لهذا الشهر الفضيل منذ أسبوعين وفق الطريقة التي تمليها خصوصيات المنطقة، ''المساء'' استطلعت تحضيرات هذه العائلات لاستقبال الشهر الفضيل سواء في المدينة أو الأرياف. البداية بالأواني المنزلية مع اقتراب شهر رمضان يبدأ تهافت العائلات السوق أهراسية على محلات بيع الأواني لاقتناء الجديد، ويتم التركيز على الأواني التي تسمى بالعامية ''الغرفية'' كونها ميزة من ميزات رمضان، إضافة إلى الكؤوس ومختلف الأواني التي تميز مائدة الشهر الفضيل. ''المساء'' التقت بعض العائلات وسألتها عن سبب شراء الأواني، فكان جوابهم أن رمضان شهر البركة الذي يبدأ فيه الإنسان حياة جديدة، لذلك شراء قطع جديدة ما هو إلا تعبير عن الفرحة بقدوم الشهر الكريم. وتقبل مختلف العائلات السوق أهراسية قبل شهر رمضان على شراء الأغذية، وخاصة منها المصبرة بكميات كبيرة وتخزينها حتى لا تتعبها فيما بعد التسوق، ويقتضي الادخار تخزين كل أنواع الحبوب كالفاصولياء والبازلاء والحمص والبقدونس والكرافس وغيرها، وذلك بعد تنظيفها ووضعها في المبرد. الخوف من ارتفاع الأسعار بعض العائلات السوق أهراسية تتخوف من ارتفاع الأسعار خلال الشهر الفضيل خاصة، وبهذا الخصوص صرح لنا البعض بأنهم يلجأون إلى الاستدانة من أجل تغطية تكاليف شهر رمضان، ولهذا يوجهون دعوة إلى السلطات المحلية لمراقبة التجار خاصة في الأيام الأولى من شهر رمضان حيث تكثر مظاهر المضاربة. وتركز ربات البيوت في سوق أهراس على الأطباق التقليدية ك''كسرة لخسيس''، ''الملاوي''، ''البركوكش'' وغيرها، والطبق الذي لا يمكن لأي من العائلات السوق أهراسية الاستغناء عنه هو ''البوراك''، فهو يعتبر رمزا من رموز رمضان، حيث تتفنن النسوة في تحضيره بمختلف الأشكال. ''المرقة الحلوة'' هي الأخرى لا تفارق مائدة رمضان حيث تطبخ ''بالزبيب'' و''عين البقرة'' ولها نكهة خاصة تميزها عن باقي الأطباق. توجيه الدعوات من الآن بدأت العائلات السوق أهراسية توجيه الدعوات من الآن للضيوف، حيث يتميز رمضان في سوق أهراس بتبادل الزيارات للإفطار أو للسهر، من باب توطيد العلاقات بين أفراد العائلة الواحدة والأحباب والأقارب، وتمر في جو بهيج يحيط به الحب والتفاعل الاجتماعي. للإشارة توجد بولاية سوق أهراس 26 مدينة وأكثر من 200 مشتة منتشرة عبر مختلف البلديات، ويختلف رمضان المدينة عن رمضان الريف، ولكل عاداته وتقاليده، فإذا كان سكان المدينة يشترون الأغذية والأواني ويوجهون الدعوات مسبقا، فسكان الريف ينشغلون بخدمة الأرض وترقب ما ستنتج لهم، كون أغلب العائلات الريفية السوق أهراسية تتغذى خلال الشهر الفضيل مما تنتجه، وفي حالة إذا ما كانت المؤونة كبيرة يحتفظون بما يكفيهم ويبيعون الباقي، وهذا ما يحدث خاصة مع الحليب والتين، حيث تجدهم كبارا وصغارا مصطفين على جانب الطريق في المساء لعرض منتجاتهم على المارة. رمضان مكسب لتجارة الأرصفة والشوارع ما إن يقترب الشهر الفضيل حتى تجد أغلبية شوارع المدينة وأرصفتها مكتظة بسبب الباعة غير الشرعيين، حيث تنصب جميع أنواع الأغذية من الفواكه والخضر والخبز وغير ذلك، وهناك من يستحسن الفكرة حتى لا يتعب في البحث عن حاجياته، وهناك من يرى أنها تمثل خطرا على المستهلك كون الأغذية معرّضة طوال النهار لأشعة الشمس، إضافة إلى الغبار مما يشكل خطرا على الصحة. ومن ضمن ما يميز سوق أهراس في رمضان عن سائر الأيام هو المحلات الكثيرة لحلوى ''الزلابية'' وهي حلوى تطهى بالسميد والعسل والسكر، ويتفنن كل محل في طهيها، والنوع المنتشر كثيرا هو ''زلابية واد الزناتي'' نسبة إلى مدينة واد الزناتي بولاية المة، كونهم معروفين ومشهورين بإعداد هذه الحلوى، ويلاحظ في شهر رمضان خاصة قبيل الفطور بحوالي ساعة طوابير كبيرة من أجل الظفر برطل أو كيلوغرام من هذه الحلوى لتناولها في السهرة. إقبال كبير على محلات طحن الحبوب والتوابل لا يمكن في هذه الأيام أن تجد محلا واحدا لطحن التوابل دون زبائن، فمن بزوغ الفجر إلى غاية هبوب نسمة الليل والناس يتوافدون على هذه المحلات من أجل طحن الحبوب اللازمة للحصول على مادة الفريك المستعملة لإعداد الشربة، إضافة إلى مختلف أنواع التوابل كالفلفل الأسود والزعفران والكمون وغير ذلك. ولا تقتصر التحضيرات لشهر رمضان على العائلات المتوسطة والغنية بل حتى للعائلات المعوزة نصيب من التحضيرات والبداية من الاستفادة من قفة رمضان التي تمنحها الدولة أو الجمعيات الخيرية، ولكن المؤسف هو غياب أدنى شروط التنظيم في تسليم هذه القفة، حيث شهدت عملية تسليمها في السنوات الفارطة عدة تجاوزات، مما يؤدي إلى بقاء المستفيدين تحت أشعة الشمس وهم صائمون لمدة طويلة، إضافة الى التدافع، وفي هذا الشأن يطالب المعوزون بتدخل المسؤولين لفرض النظام في تسليم القفة خلال شهر رمضان. التحضير للعبادات بعيدا عن التحضيرات المادية لشهر رمضان يكون للعبادة نصيب كبير من التحضيرات للتمكن من قراءة وحفظ القرآن وأداء صلاة التراويح وقيام الليل، كيف لا وهو الشهر الذي فيه ليلة خير من ألف شهر، وفي السياق وفرت مديرية الشؤون الدينية والأوقاف كل الظروف المادية والمعنوية لإنجاح الشهر الفضيل، وذلك من خلال برمجة عدة دروس ومحاضرات، وتثبيت مكيفات عبر مختلف مساجد الولاية، لاسيما وأن رمضان تزامن مع فصل الصيف. ومن جهتها جندت مصالح الأمن بمختلف أسلاكها أعوانها من أجل توفير الأمن للمواطنين قبل وبعد الفطور، وتركز على النقاط التي يتواجد بها الكثير من المستهلكين كالأسواق والمحلات اليومية، كما ستقوم بالتفتيش والمراقبة من أجل الحفاظ على أمن وصحة المواطن.