لم تمنع درجة الحرارة التي تميز مدينة باتنة في الآونة الأخيرة، الأسرة الباتنية من الاستعداد للشهر الفضيل، حيث تشهد المدينة حركة منقطعة النظير، والوجهة المفضلة هي أسواق المدينة ويعد سوق "الرحبة" العتيق الذي يتوسط المدينة القديمة، من الوجهات المحبذة للنساء في مثل هذا الشهر لاقتناء حاجيات ومستلزمات المطبخ، حيث يوفر هذا السوق على مدار السنة كل هذه المتطلبات.. كما تعرض به كل المواد الخاصة بتحضير أطباق رمضان كالتوابل والفريك والمواد الاستهلاكية الأخرى كالزبيب والبرقوق المجففين. نكهة التسوق في هذا المكان لا تماثلها نكهة وسط الزحام عبر ممر لا يتعدى الستين مترا، يحتشد فيه الباعة في دكاكين صغيرة لا تتعدى مساحتها في غالب الأحيان 03 أمتار مربعة، حيث تبهرك طريقة عرض المواد التي تجلب الزبون في ديكور خاص. وتحرص السيدات في هذا الشهر على إحياء العديد من العادات والتقاليد الموروثة عن المرأة الأوراسية في تحضير الأطباق، لأن العديد من منها تلاشت أو آىلة إلى الزوال بعد انتشار وسائل الطبخ العصرية التي قلصت من وظائف الاواني الفخارية التقليدية، في هذا الصدد تقول السيدة هنية (70 سنة) التقنياها تقتني بعض حاجياتها بهذه السوق، أن للتطور دورا في زوال عادات وتقاليد المنطقة، لكن بنسب متفاوتة لدى العائلات التي لازالت تحافظ على تقاليدها، خصوصا في هذا الشهر الفضيل، وقد عبرت عن امتعاضها من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية مقارنة بسنوات مضت، مستدلة بالفريك الذي ارتفع سعره هذه السنة الى 240 دج، والبرقوق الى 500 دينار للكيلوغرام، وقفز سعر رأس الحانوت من 300 الى 400 دينار للكيلوغرام، فيما قفز سعر السينوج المحلي المطلوب بكثرة في هذه السوق بالنظر إلى جودته العالية، الى 600 دينار للكيلوغرام الواحد، بينما استقر سعر الإنتاج الأجنبي في 400 دينار للكيلوغرام، المرمز انتقل من 180 دينار إلى 200 دينار للكيلوغرام، الرند المرحي بلغ 200 دينار للكيلوغرام، والفلفل المرحي الذي يسوق وينتج بزريبة الوادي والمعروف بجودته العالية قفز الى 300 دينار للكيلوغرام. السيدة هنية التي استرجعت ذكرياتها مع هذه السوق التي ينتشر على جنبات طريقها باعة الطاولات، الذين يحولون الطريق المحاذي لها الى وجهة لكل المتسوقين الذين يقتنون مادتي الدبشة والبقدونس والزيتون بأنواعه، شجبت ما وصفته ببطش التجار في هذا الشهر الفضيل، وأوضحت ان نكهة رمضان بدون التسوق في "الرحبة" واقتناء حاجيات القدر لإعداد الوجبات الخاصة في شهر رمضان لا يمثل بالنسبة إليها شيئا، وقالت ان الفترة الصباحية هي التي تروقها لاقتناء المواد الاستهلاكية من توابل، فريك، تريدة ونباتات الراند والكروية والقصبر.وبخصوص المواد المعروضة يقول أحد التجار بهذه السوق، أنها في متناول الجميع بالنظر إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية التي تحضر وفق المعايير المعمول بها دون غش في مكوناتها، مستدلا بالأنواع المعروضة التي تتطلب مصاريف إضافية لتحضيرها. والواضح ان ربات البيوت اللواتي اعتدن التسوق يدركن جيدا نوعية المواد المعروضة بالنظر إلى خبرتهن الطويلة في مجال الطبخ.غير بعيد عن هذا المشهد، تتشكل طوابير تلقائية سواء للفضول أو بغرض اقتناء الأواني الفخارية التقليدية التي تبرز حضارة المنطقة، والكثير من النسوة يفضلن إعداد وجبات رمضان في هذه الأواني المصنوعة من مادة الفخار.وفي الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة بيع الكسرة بالقرب من سوق الرحبة بسعر يتراوح بين 40 و50 دينارا للقطعة الواحدة، فضلا عن باعة الألبان وكسرة الشعير المطلوبة في هذا الشهر الفضيل. وبعيدا عن هذه السوق، تلجأ المرأة الأوراسية تحضيرا لهذا الشهر، إلى إحداث ثورة بمطبخها وتستمتع بإضافة أشياء جديدة على المطبخ وتوفير السكاكين والأواني الفخارية وقبلها تقوم بتنظيف غرف المنازل وتحضير الحلويات التقليدية.