تعيش الفنانة زليخة تاوشيشات على ذكرياتها بالجزائر، محاولة إعطاء هذه الفترة الجميلة من حياتها بعدا جماليا راقيا بحضور قوي للمرأة وللتقاليد الشعبية. اختتمت بداية الأسبوع فعاليات المعرض التشكيلي للفنانة المغتربة تاوشيشات، وذلك برواق الفنون، حيث قدمت 30 لوحة تحكي معظمها عالم المرأة الجزائرية. في حديثها ل»المساء«، أشارت الفنانة إلا أن موضوع المرأة يغلب على معرضها وعلى كل أعمالها، حيث تملك في باريس حوالي 500 لوحة عن المرأة، وسبب هذا الاهتمام حسبها هو محاولتها في كل مرة تكريم المرأة الجزائرية، خاصة الأم والأخت رمزي الحنان والعطاء. وتضيف قائلة »استغل أيضا موضوع المرأة لأثبت هويتي الجزائرية في الخارج، فعلى الرغم من إقامتي بباريس، يؤلمني كثيرا حين يشير إليّ الأجانب في سويسرا أو اسبانيا أو حتى أمريكا قائلين ''ها هي الفنانة الفرنسية قد أتت''، لذلك أحرص على ان تكون معارض بشخصية جزائرية، ليدرك الأجانب أنني من الجزائر بلد له تاريخه وتقالده وثقافته الخاصة«. تصور لوحات تاوشيشات كل ما له علاقة بالحياة اليومية التقليدية للجزائريين من أعراس، تجارة، حرف، لباس تقليدي وغيرها، وذلك عبر استحضار الذكريات والبحث في هذه التقاليد. من بين اللوحات المعروضة »امرأة بالعجار«، »الصانع الحرفي«، »الكراكو«، »القبائلية« وغيرها من الأعمال التي تبرز المرأة الجزائرية من خلال الأصالة والجمال المتميز والطبيعي وألوان زاهية، الأمر الذي يبهر الأجانب الذين ارتبط اسم الجزائر عندهم بالعشرية السوداء وبقهر المرأة. تسطع في لوحات زليخة تاوشيشات ألوان النور والضوء المستمدة من صفاء الجزائر، وكذا من الألوان المتميزة كالأخضر الظاهر على أبواب بيوت القصبة والأزرق المتألق في سمائها والأحمر الفاقع على أثواب النسوة في الأعراس والمناسبات السعيدة. من جهة أخرى، عبرت السيدة زليخة عن نوع من الألم وهي تجوب شوارع العاصمة اليوم، حيث تفتقد هذه الأصالة فلا أثر ل»الحايك« الذي عوضه اللباس الأوربي او الجلباب الأسود. لوحات زليخة تظهر لباس اغلب مناطق الوطن (قسنطينة، وهران، القبائل، التوارق، بوسعادة...)، وهنا تذكر أن سيدة زارت المعرض فاحتجت على غياب اللباس الوهراني وسرعان ما تأكدت أن لوحة هذا اللباس بيعت. تتميز لوحات تاوشيشات أيضا بأطرها الجميلة، فبعضها من الخشب وبعضها الآخر من القماش او الزجاج أو النحاس، وتقوم الفنانة بزخرفتها تماشيا وموضوع اللوحة. نجد في المعرض ايضا لوحات لفنانين جزائريين كبار أمثال العنقة، وعنها تقول الفنانة » رسمته لأنه يشكل جزءا من ذكرياتي التي ارتبطت به وبقروابي وفضيلة الدزيرية، الذين أحيوا أعراس العاصمة في سنوات مضت وأعطوها نكهة خاصة عشتها وأنا صغيرة. كما رسمت شريف خدام عرفانا له بما قدمه في الجزائر وفي ديار الغربة«. تأمل هذه الفنانة أن تنال حقها من الحضور داخل الجزائر، فالفنان عليه ان يحقق نجاحه ببلده الأم أولا وهو الأمر الذي يؤكده لها حتى الأجانب، فأقامت معرضا ببجاية ولاقى الاقبال حتى من النساء البسيطات اللواتي لم يزرن يوما معرضا تشكيليا ليناقشنها في أمور فنية. كما لاقى معرضها برواق ''الفنون'' الترحاب، وهو الأمر الذي لا يمكن ان تحس به إلا في الجزائر على الرغم من الترحاب الذي تلقاه في معارضها بأوروبا. وتأمل زوليخة أن يتحقق حلمها بإنشاء متحف يجمع الفن المعاصر بالفن الكلاسيكي التقليدي الجزائري. هكذا هي وجوه شخصيات هذه اللوحات المستمدة من طفولة سعيدة لا تزال واقفة على »زلايج« البيوت القديمة وتحكي التقاليد، وتغني على انغام الدربوكة والطار، مستحضرة نساء بألوان الورد يتربعن في قعدات الأعراس ليقلن أننا جزائريات لنا هويتنا. للتذكير، الفنانة متخرجة من مدرسة الفنون الجميلة ب»كومب لافيل« بفرنسا ومن مدرسة الفنون والديكور بباريس، وقد أقامت معارض في أشهر الأروقة والمتاحف الأوربية.