''رمضان شهر العبادات''... شعار يرفعه الجميع ويحفظونه عن ظهر قلب... بل والكثيرون يعملون على تجسيده، كل حسب رؤيته وحسب قدرته. وتعد المواضبة على الصلاة، وحضور صلاة التراويح، والصدقات، وصلة الرحم من أهم مظاهر تجسيد هذا الشعار... وهو شيء جميل بالطبع. ولكن ما يثير الانتباه لدى البعض حتى لا نقول الكثيرين هو أن مفهوم العبادة مازال سطحيا ولم يصل إلى مفهومه الحقيقي، فهنا تسابق مثلا على ختم القرآن الكريم وهذا جيد في مظهره، لكن هل تنعكس تلاوة أو قراءة القرآن الكريم على سلوكيات الأفراد؟ وهل تدفعهم هذه القراءة إلى تغيير مفهومهم للأشياء ومحاولة التغيير نحو الأفضل؟ أم أن الأمر بالنسبة لهم مجرد ''فعل'' يتم التباهي به، بأن يقول بعضهم ''لقد ختمت القرآن عدة مرات في رمضان''... أما نحن فنسأل ''وماذا بعد''؟ حضور صلاة التراويح... والالتزام بصلاة الجماعة، أمر لايختلف في إيجابيته اثنان، ولكن هل هذا يدفع المصلين إلى إصلاح حياتهم ومحيطهم؟ أم أن صلاة التراويح أصبحت موعدا للقاء الأصدقاء والجيران؟ هل يعقل أن يكرر الأئمة كل رمضان نفس الانتقادات للنساء المصليات بالخصوص لإحداثهن فوضى بالمسجد؟ وهل صلة الرحم أصبحت موعدا لفض الخلافات بين العائلات في رمضان أم موعدا للتباهي بالأطباق والحلويات المعدة بالمناسبة؟ وهل الصدقات وإطعام الجائع وعابر السبيل فعل يحتكره شهر رمضان؟ أولا يدعو الصيام بما يخلفه من جوع وعطش للتفكير في كيفية مساهمة الجميع لاستئصال مظاهر الفقر، وذلك بدءا بالقضاء على مظاهر التبذير والفساد واللهفة، والركوض وراء الماديات؟ الأكيد أن ما لم يفهمه الكثيرون أن العبادات ليست مجرد ''سلوك بافلوفي'' أي فعل ميكانيكي يتم بصفة آلية في رمضان، بقدر ما هي دافع روحي يهدف إلى التغيير والإصلاح... وإلا أصبحت مظاهر رمضانية مثلها مثل قلب اللوز والزلابية.