تظهر الأهمية التي توليها العائلات القبائلية وعلى غرار باقي عائلات ولايات الوطن لصيام أبنائها لأول مرة، قيمة شهر رمضان الكريم، إذ يعد ذلك حدثا خاصا، يترك بصمة متميزة. ويشكل صيام الطفل لأول مرة حدثا عائليا هاما يحتفي به كل أفراد العائلة ويمتد إلى دعوة الأهل والأقارب لمشاركتهم أجواء الاحتفال. وتبدأ التحضيرات لهذه المناسبة أسبوعا قبل حلول شهر رمضان حيث تقتني العائلة مستلزمات الاحتفال ولتحضير مختلف الأطباق والمأكولات التقليدية والحديثة ويتوجه الجد أو الأب إلى السوق ومعه ورقة المستلزمات أو المشتريات التي يتصدرها رأس العجل ومن ثمة تتوجه ربة البيت أو جدة الطفل الصائم لإخبار الأقارب والأهل والجيران بأنهم مدعوون لحضور الاحتفال بأول يوم صوم أصغر أطفالها. تحضير الأطباق مصحوب بأهازيج جميلة وبمجرد وصول المشتريات تستعد نساء المنزل وحتى الجارات اللواتي يحضرن لمساعدة أهل الطفل الصائم على تحضير أطباق تقليدية مختلفة ومتنوعة في جو من الفرح مصحوبا بأهازيج جميلة ورائعة وتتبع كل نهاية مقطع زغاريد قبائلية جميلة، كما يتم في هذا اليوم تحضير وجبة خاصة للطفل الصائم والتي تتمثل في المسمن والبيض المسلوق مع تحضير طبق الكسكسى برأس العجل، وبعد الانتهاء تحضر المائدة التي تتزين بأطباق مختلفة، ويبدأ توافد المدعويين إلى منزل تلك العائلة ومعهم هدايا معتبرة تقدم للطفل تشجيعا وإكبارا للصائم الصغير. وفي سياق متصل قالت ''نا علجية'' من قرية آيت يحي أن الاحتفال بصوم الذكر والأنثى لا يختلف غير أن الاحتفال بصيام البنت لأول مرة لا يتضمن طبق رأس العجل ولا يوضع على كتفيها البرنوس، حيث تفطر الصائمة على طبق المسمن والبيض فقط فوق سطح المنزل توضع حلي فضية على ملابسها. إفطار الطفل بسطح أو عتبة المنزل ودقائق قبل آذان المغرب يحضر الطفل الصائم وذلك بتجهيزه كالعريس حيث يرتدي أجمل اللباس ويوضع على كتفيه البرنوس الأبيض الذي يحوي دلالات قوية ومعاني كبيرة لا سيما تلك المتعلقة بالشهامة والشجاعة والعزة. ثم يتم اجلاس الطفل في سطح المنزل وينتظر الآذان، وتفضل عائلات أخرى أن يفطر ابنها على عتبة المنزل ويعني ذلك إضفاء سلطة على الابن وترمز إلى الاحترام الذي يجب أن يكنه أفراد العائلة له عندما يكون رجلها، وبمجرد سماع الاذان يفطر على طبق خاص به والمتكون من رأس العجل في بعض القرى والبيض المسلوق والمسمن في أخرى والزغاريد تتهاطل عليه، ثم ينزل ويكرم بالهدايا والمال وذلك تشجيعا للأطفال الآخرين. تفضيل ليلة القدر لصيام الطفل وتفضل بعض العائلات أن يكون صيام ابنها الأول في السابع والعشرين من رمضان، نظرا لعظمة هذا اليوم، حيث تقول إحدى السيدات المتقدمات في السن أن أجواء إحياء ليلة القدر لها ميزة خاصة تزيد من أجواء الاحتفال بالطفل الصائم لأول مرة خاصة وأن الاحتفال بهذا اليوم يكون مميزا، فحسب عادات المنطقة يطلق على تلك الليلة ''27 بو سناث ثيربا'' أي ليلة ال 27 ذات الطبقين، إذ تحضر النساء طبقين مختلفين، ويتمثل الطبق الرئيسي في الكسكسى بالحمص المنقوع حيث تقتضي العادات عند الإفطار أن يوضع صحن كبير ويستحسن أن يكون من الفخار ويوضع فيه عدد من الملاعق حسب عدد أفراد العائلة فالحاضر يأكل من الطبق والغائب يحتفظ بملعقته في الصحن إلى غاية اليوم الموالي ليغسل، أما الطبق الثاني فيختلف حسب أذواق العائلات، ويضاف إلى هذين الطبقين طبق خاص بالطفل الصائم لأول مرة. ويتواصل الاحتفال بالمناسبة بسهرة حميمية تدوم إلى غاية ساعات متأخرة من الليل حيث تهيئ العائلة المستضيفة مائدة مزينة بالحلويات التقليدية ومزيج من الحلويات العصرية، وكذا المشروبات الغازية المختلفة والفواكه وذلك حتى تكون حياة الطفل زاهرة وجميلة حسب المعتقدات السائدة، ومع قرب وقت الإمساك يغادر الضيوف منزل الطفل متمنين له أن يكون رجلا صالحا في المستقبل، وهناك من يأخذ الطفل معه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، وبهذا ينتهي الاحتفال بهذا الحدث وتعد ربة البيت الطفل أن تقوم بواجبها في حفل صيام طفل إحدى العائلات المدعوة التي ساعدتها في تحضير الأطباق وهو نوع التعاون الذي يزيد أواصر المحبة بين الأقارب والجيران والأحباب.