جددت الجزائر وبريطانيا، أول أمس، عزمهما على إعطاء دفع لعلاقاتهما الثنائية من خلال دعم التعاون الاقتصادي والتقني والتربوي والثقافي، مؤكدتين التطابق التام لوجهات نظريهما بخصوص العديد من القضايا المطروحة على الساحة الدولية ولا سيما منها في مجال مكافحة الإرهاب ومسألة تجريم دفع الفدية للتنظيمات الإرهابية. وأكد السيد أليستار بورت الوزير المكلف بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية للمملكة المتحدة وبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية، خلال ندوة صحفية نشطها بمعية الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل بإقامة الميثاق بالعاصمة أن بلاده تسعى إلى تطوير علاقاتها مع الجزائر، من خلال إخراج هذه العلاقات من الإطار التجاري وبحث إمكانية تقوية التعاون في مجالات التربية والثقافة والتبادل في مجال البحث العلمي والتكنولوجي وتشجيع المؤسسات البريطانية والجزائرية على إرساء تعاون قائم على أساس تبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا. وفي حين نوه بالجهود التي تبذلها الجزائر في مجال مكافحة الارهاب، ولا سيما بمنطقة الساحل، مؤكدا دعم بلاده لهذه الجهود، أبرز السيد بورت أهمية مجال تبادل المعلومات من أجل التصدي لهذه الآفة التي تشكل خطرا على كافة دول العالم، مذكرا في هذا الصدد بنجاح عملية اكتشاف الطرود المفخخة مؤخرا بفضل تبادل المعلومات. كما جدد المتحدث دعم بلاده لموقف الجزائر بخصوص تجريم دفع الفدية للتنظيمات الإرهابية، مشددا على ضرورة ''مكافحة الفدية''، على اعتبار أن هذه الأخيرة قد تشكل قاعدة لتمويل الارهاب. وبرأي السيد بورت، فإن تجريم دفع الفدية تعد في حد ذاتها طريقة من الطرق العديدة لمكافحة الإرهاب ''حتى وإن كنا نعلم بأن تجريم الفدية يضع بعض الدول في وضعية معقدة''، مشيرا إلى أن من بين الطرق الأخرى أيضا تكثيف التعاون في مجال تبادل المعلومات، علاوة على العمل على إقناع الشباب على أن أولئك الذين يحملون خطابات تدعو إلى العنف والتطرف لا يمتّون بأي صلة للإسلام.من جانب آخر، وبخصوص الوضع المتأزم في الأراضي الصحراوية المحتلة بفعل المجزرة التي يرتكبها النظام المغربي في حق الشعب الصحراوي الأعزل، أكد الوزير البريطاني أن بلاده على غرار باقي الدول تتابع بكثير من القلق الوضع السائد في الصحراء الغربية، مشيرا إلى أن الحكومة البريطانية طلبت من ممثليها في المنطقة متابعة الوضع عن كثب وإفادتها بالمعلومات الوافية عما يحدث هناك، لتقوم بعدها بدعوة جميع الأطراف المعنية ومطالبتها ببذل كل الجهود لتفادي حدوث أعمال عنف في المنطقة.واعتبر السيد بورت أن النزاع في الصحراء الغربية يعد مسألة طال حلها ولذلك فإن العنف الذي وقع في الأيام الأخيرة يعد تعبيرا عن خيبة الأمل السائدة والمترتبة عن غياب الحل بالمنطقة، مجددا موقف بلاده المساند لجهود الأممالمتحدة والمبعوث الشخصي للامين العام للأمم المتحدة السيد كريستوفر روس من اجل التوصل إلى حل متفاوض عليه يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. من جهته، أبرز السيد عبد القادر مساهل تطابق وجهات النظر بين الجزائر والمملكة المتحدة في العديد من القضايا ولا سيما منها تلك التي تخص مكافحة الإرهاب، موضحا بأن جلسة العمل التي عقدها مع الوزير البريطاني والتي تندرج في إطار الدورة الرابعة للجنة السياسية للتعاون بين البلدين، سمحت للجانبين بالتطرق إلى الحركية التي اتسم بها التعاون الثنائي بين البلدين منذ زيارة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى بريطانيا في ,2006 مع النظر في إمكانية تعزيز هذا التعاون في العديد من المجالات، على غرار مجال الطاقة والقطاعات الأخرى خارج المحروقات والثقافة والتعليم والمرافقة التقنية، مع إبراز أهمية العمل الذي تقوم به اللجنة الفرعية المكلفة بالشؤون الاقتصادية المكلفة بمتابعة تنفيذ الاتفاقات المبرمة بين البلدين في مجال تكثيف التعاون الإقتصادي وتعزيز إطاره القانوني.كما أشار السيد مساهل إلى أن اللقاء سمح للطرف الجزائري بعرض موقفه وتصوره حول مكافحة ظاهرة الإرهاب في منطقة الساحل، والدور الذي يمكن أن يلعبه الشركاء الأوروبيون في هذا الإطار، ولا سيما من خلال تقديم الدعم اللوجستيكي ودعم مجالات التنمية في هذه المنطقة، مشيدا بالمناسبة بالموقف البريطاني المعروف فيما يتعلق بمسألة تجريم دفع الفدية بالرغم من كونها إحدى الدول التي فقدت رعايا وقعوا رهائن في يد الجماعات الإرهابية.وتجدر الإشارة إلى أن الوزير البريطاني المكلف بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي استقبل، أول أمس، من قبل وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي كان قد أعلن في تصريح لدى وصوله إلى الجزائر أن زيارته تهدف إلى دراسة فرص الأعمال في الجزائر التي تعد بالنسبة لبريطانيا سوق هامة، مبرزا التطور الهام الذي عرفته العلاقات بين البلدين، وإرادتهما على دفعها أكثر وخاصة من خلال توسيع الإسهام البريطاني في المجالات الاقتصادية بالجزائر.