نظمت جمعية مشعل الشهيد صباح أمس بمنتدى المجاهد وقفة عرفان بمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة المناضل التاريخي سعد دحلب، حضرتها وجوه سياسية وتاريخية وثقافية أدلت بشهادتها حول الرجل الريفي. ماتزال الثورة الجزائرية تصنع الحدث وتثير الكثير من الخبايا التاريخية وتكشف عن مقاومة الرجال وصمودهم في وجه الاحتلال الفرنسي الذي لم تشفع له إباداته وجرائمه منذ احتلاله الجزائر بإخضاع الشعب الجزائري لاستراتجيته الاستيطانية واقتلاعه من جذوره التاريخية والحضارية، وكلما حلت ذكرى إلا وكشفت لنا عن أصالة هذا الشعب وعن بطولة أبنائه ومن هؤلاء الأبناء المناضل الفذ سعد دحلب رحمه الله الذي استطاع في ذكرى وفاته العاشرة أن يجمع نخبة من المناضلين والمجاهدين والمؤرخين ليشهدوا على حياته الحافلة بالنضال. استهل الندوة التاريخية حول الفقيد سعد دحلب الدكتور عامر رخيلة تطرق خلالها إلى مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على لائحة الاعتراف بتقرير المصير للشعب الجزائري والتي تمر على ذكرى صدورها 60 سنة. أما الأستاذ والمناضل عمار بلخوجة فقد تناول في كلمته شخصية سعد دحلب، حيث أكد للحاضرين أن مولده كان سنة 1918 بقصر الشلالة وفيها أكمل دراسته الابتدائية ومنها تنقل إلى (كوليج البليدة) ليدرس المرحلة الثانوية ويتحصل على شهادة البكالوريا، ويلتقي بكل من يوسف بن خدة، عبان رمضان، الأمين دباغين، محمد يزيد أما عن الجانب النضالي فيرجعه السيد عمار بلخوجة إلى سنة ,1937 حيث يلتقي سعد دحلب بمصالي الحاج وكان عمره حينئذ 20 سنة، ويعود دحلب إلى قصر الشلالة ليقوم بتنشيط خلية من خلايا الشعب الجزائري. ويضيف عمار بلخوجة ، في فترة الحرب العالمية الثانية كان دحلب من الشباب الجزائري الذي طالب بالاستقلال، حيث كانت إدارة الاحتلال تراقبه وتصنفه في خانة الخطرين جدا على الإدارة الاستعمارية وذلك من خلال نشاطه واندماجه في التجمع الوطني لاحباب البيان بقيادة المرحوم فرحات عباس. ويضيف المتدخل أنه في سنة 1943 كان مصالي الحاج تحت الإقامة الجبرية بقصر الشلالة وكان دحلب هناك وأتت الأحداث متزاحمة وسريعة. من جانبه أدلى المناضل سيد علي عبد الحميد بشهادته وأكد أن سعد دحلب كان كجميع المناضلين في الحركة الوطنية التي يتميز مناضلوها بالالتزام والانضباط والأخلاق، ودحلب يقول: سيدي علي عبد الحميد، كان عمله بين العاصمة وقصر الشلالة. أما الأستاذ عبد الحميد مهري فذكر بالمواقف الشجاعة التي كان يتميز بها سعد دحلب، حيث كان متعلقا بشخص مصالي الحاج وتربطه به علاقة متينة ويكنّ له احتراما كبيرا ومع ذلك اتخذ منه موقفا شجاعا وقال له: ''لست معك وأنت على خطأ'' وهذا الموقف وضع حدا للعلاقة الشخصية التي تربطهما مثله مثل مصطفى بن بولعيد رحمهما الله. وكانت له مواقف أخرى حول العمل المسلح والنقاش الذي دار حوله قبل الثورة، هل هناك إعداد وأعداد كافية لاتخاذ هذا القرار، كما كان لسعد دحلب موقف في لجنة التنفيذ والتنسيق، حيث عمل على تقليص فجوة الخلاف بين كريم بلقاسم وعبان رمضان والتقريب بينهما. كما استعرض الأستاذ عبد الحميد مهري مفاوضات (إفيان) ودور سعد دحلب، وتحدث المتدخل مطولا عن الحكومة المؤقتة. واعتبر اتفاقيات إيفيان انتصارا للثورة لينتهي الحديث عن التاريخيين والحديث يبقى يتجدد لأننا نكتشف كل يوم عظمة الثورة الجزائرية، وهذا ما لمسناه في الشهادات والمناقشة التي دارت في هذه الندوة التاريخية والوقفة التذكارية لأحدى الشخصيات البارزة في الحركة الوطنية وثورة نوفمبر المظفرة.