تنطلق اليوم بباريس المفاوضات القنصلية الجزائرية الفرنسية حول اتفاقية 1968 المتعلقة بحركة تنقل الأشخاص بين البلدين وسط محاولات من الجانب الفرنسي لإدارة ظهرها لمضمون الاتفاقية على نحو يسمح لها بتطبيق سياستها الجديدة في مجال الهجرة، ومن جانب آخر أُعلن أمس عن زيارة ثانية للسيد جون بيار رافاران الموفد الشخصي للرئيس نيكولا ساركوزي إلى الجزائر في 20 فيفري الداخل. وينتظر أن يجلس الطرفان الجزائري والفرنسي اليوم إلى طاولة المفاوضات للتباحث بشأن كافة الملفات القنصلية المرتبطة باتفاقية 1968 الضابطة لحركة تنقل الأشخاص بين البلدين والحقوق الممنوحة لكلا الجانبين فيما يخص العمل والإقامة والاستفادة من نظام التقاعد. وتشير المعلومات المتوفرة حول هذا الملف أن الطرف الفرنسي سيدفع خلال هذه المفاوضات نحو إعادة النظر في بنود الاتفاقية على نحو ينهي الامتيازات التي كان يتمتع بها الجزائريون في التنقل والحصول على شهادة الإقامة، وهو ما يفسره الإجراء المتخذ في وقت سابق في حق رجال الأعمال الجزائريين الذين وجدوا أنفسهم أمام إجراءات جديدة للحصول على التأشيرة تقضي بتقديم تعهد بعدم تقديم طلب الإقامة أو الحصول على رعاية طبية بفرنسا ووصفت الحكومة الجزائرية تلك التدابير بأنها تمييزية، كما انتقدت منظمات أرباب العمل تلك الخطوة وطالبت بإعادة النظر فيها. وعززت الجزائر موقفها الرافض لتلك التدابير، ولأية خطوة تهدف إلى تغيير بنود اتفاقية 1968 باقتراحات ساهمت العديد من الفعاليات الوطنية في صياغتها سواء من الجالية المقيمة بفرنسا أو المعنيين بهذا الملف من المقيمين بالجزائر، ورأت أن الأهداف التي تصبو إليها الحكومة الفرنسية تتنافى ومساعي تعزيز الروابط الثنائية بعد هزات أثرت على العلاقات بين البلدين على أكثر من صعيد. ويتوقع متتبعون لهذا الملف أن يكون لقاء اليوم بعنوان ''جس النبض'' من الطرفين ودارسة مقترحات كل طرف في انتظار الفصل فيها. وللإشارة فإن الطرف الفرنسي يسعى إلى إسقاط سياسته الجديدة المتمثلة في الهجرة المنتقاة على الطرف الجزائري ولا يتأتى له ذلك إلا من خلال مراجعة اتفاقية ايفيان واتفاقية 1968 التي يستفيد الرعايا الجزائريون بموجبهما من امتيازات منها حرية التنقل ودخول التراب الفرنسي والمساواة في الحقوق باستثناء تلك المتصلة بالجانب السياسي، إضافة إلى تمتعه بآليات تسهل العمل والإقامة. وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين أُعلن أمس بباريس عن زيارة للسيد جون بيار رافاران الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي المكلف بمتابعة الملفات الاقتصادية، وذلك في 20 من الشهر الداخل. وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية استنادا إلى مصادر دبلوماسية جزائرية أمس أن زيارة الوزير الأول الفرنسي الأسبق السيد جون بيار رافاران إلى الجزائر تندرج في إطار مهمته حول التعاون الاقتصادي بين فرنساوالجزائر والتي جرت المرحلة الأولى منها يوم 24 نوفمبر .2010 وأوضح أن سفير الجزائربفرنسا السيد ميسوم سبيح أجرى مؤخرا محادثات مع السيد رافاران في إطار هذه المهمة. واعتبرت زيارة السيد رافاران الأخيرة على أنها محاولة لإعادة الدفء الى العلاقات الثنائية في شقها الاقتصادي، وسمحت بعد مدة من بروز أولى نتائجها من خلال اقتناع الطرف الفرنسي بضرورة مرافقة الجزائر في مسعاها نحو إعادة تنمية البلاد، وهو ما دفع بالمحادثات الثنائية فيما يخص إنشاء مصنع للسيارات في الجزائر إلى تسجيل تقدم. وذكر وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة السيد محمد بن مرادي بهذا الخصوص أن الطرف الفرنسي المتمثل في شركة ''رونو'' قدم مقترحات عملية بهذا الخصوص، بل أكثر من ذلك فقد عبر عن رغبته في الاستجابة لكافة المطالب التي رفعها الطرف الجزائري والمتمثلة في إقامة مصنع ليس للتركيب بل لصناعة السيارات كذلك، ورفع قدرة الإنتاج من 50 ألف وحدة إلى 75 ألف وحدة في السنة. وتريد الجزائر أن يرتقي هذا التعاون إلى شراكة حقيقية وتجاوز المرحلة الحالية التي يغلب عليها الطابع التجاري رغم وجود 430 شركة فرنسية عاملة بالجزائر. وتطمح الجزائر إلى استكمال مشاريع الشراكة التي تمت مباشرتها والمتمثلة في إنشاء شركة التأمين ''ماسيف'' وشركة ''كريستال أونيوين'' المختصة في تكرير السكر، ومصنع ''ألستوم'' لتركيب وصيانة الترامواي.