صعد المتظاهرون بمصر من حركتهم الاحتجاجية بالدعوة إلى ''مسيرة مليونية'' اليوم تشمل كافة أنحاء البلاد لحمل الرئيس حسني مبارك على التنحي من كرسي الرئاسة وتحقيق مطالبهم بإحداث تغييرات سياسية واقتصادية شاملة. وسيشكل اليوم منعرجا في حسم القبضة بين السلطات المصرية المصرة على البقاء والحركة الاحتجاجية العنيفة المتواصلة منذ أسبوع والتي لم يشهد لها مثيل طيلة 30 سنة مضت من حكم الرئيس مبارك. وفي خطوة لمنع تنظيم هذه المظاهرة أوقفت السلطات المصرية النقل بالسكك الحديدية من أجل منع تدفق المتظاهرين من مختلف أنحاء البلاد للمشاركة فيها. وشهدت الاحتجاجات في يومها السابع تصعيدا بعد أن دعت المعارضة وعلى رأسها محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس إلى الشروع في إضراب مفتوح شل مختلف المؤسسات العامة والخاصة وأغلقت المحال التجارية. وهو ما أدى إلى شح في المواد الغذائية في العاصمة القاهرة ومختلف المدن الكبرى. وكان البرادعي أكد أول أمس في كلمة أمام المتظاهرين بميدان التحرير وسط القاهرة ''أن ما بدأناه لا رجوع عنه'' مضيفا ''أطلب منكم الصبر ..فنحن على الطريق السليم''. كما أكد البرادعي الذي كلفه تحالف أحزاب المعارضة للتفاوض مع الحكومة أن ''التغيير لن يحدث إلا من داخل مصر''. وكان الائتلاف الوطني من أجل التغيير الذي يضم قوى المعارضة المصرية من بينها جماعة الإخوان المسلمين فوض محمد البرادعي رئيس الجبهة الوطنية للتغيير بتشكيل حكومة للإنقاذ الوطني. وقد أكدت الحركة المحظورة في مصر أن اختيارها للبرادعي جاء ''إنقادا للوضع القائم في البلاد من فوضى مخططة'' نظرا لغياب جهاز الشرطة بالكامل عن ارض الميدان. وجاء هذا التفويض بعد أن رفضت القوى المعارضة المصرية الإجراءات التي أعلنها الرئيس حسنى مبارك والمتمثلة في تعيين اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية نائبا لرئيس الجمهورية وتكليف اللواء أحمد شفيق بتشكيل حكومة جديدة. كما أعلنت جماعة الإخوان المسلمين أمس رفضها قيام الرئيس مبارك بتعيينات جديدة معتبرة تلك الإجراءات بأنها ''محاولة للالتفاف على مطالب الشعب المصري ولإجهاض ثورته الشعبية وانتفاضته المباركة''. وكان الرئيس مبارك أكد في اجتماع مع نائبه عمر سليمان وأحمد شفيق رئيس الوزراء المكلف إيلاء الأولوية لضرورة استعادة الهدوء والاستقرار وتلبية الاحتياجات الأساسية لكافة المواطنين. لكن تلك الإجراءات والتعهدات لم ترق إلى درجة إسكات الشارع المصري الذي تحدى حظر التجوال وواصل مظاهراته الاحتجاجية في إصرار واضح على بلوغ هدفه في إحداث التغيير الذي يريده. فرغم التعتيم الإعلامي الذي تفرضه السلطات المصرية فإن شهود عيان وتقارير إعلامية أكدت أن ميدان التحرير وسط القاهرة لا يزال يشهد تجمعات شعبية معارضة. وان حظر التجوال لم يمنع عديد الأشخاص من المبيت في الساحات العمومية التي شهدت منذ الساعات الأولى من صباح أمس توافد آلاف المتظاهرين الآخرين. ويواصل المتظاهرون اعتصامهم بميدان التحرير الذي لا تزال دبابات الجيش تطوقه فيما يقوم عناصره بعمليات مراقبة المتظاهرين للتأكد من هويتهم من دون التعرض لهم. وكان عشرات الآلاف من المصريين الذين انضمت إليهم المؤسسات النقابية للأطباء والمحاميين واصلوا مظاهراتهم الاحتجاجية متمسكين بمطلب إحداث تغيير جذري في هرم السلطة وفي شتى المحافظات المصرية. وأمام إصرار المتظاهرين على البقاء في الشارع قررت السلطات المصرية تمديد حظر التجول بساعة في المدن الكبرى كالقاهرة والسويس، كما عززت قوى الأمن من تكاثفها في المحافظات المصرية في محاولة للتحكم في الأوضاع في خطوة لثنيهم على مواصلة حركتهم الاحتجاجية. وقامت طائرات حربية بالدوران على ارتفاع منخفض فوق العاصمة كما حلقت طائرات هيلوكبتر فوق ميدان التحرير مركز تجمع المتظاهرين. وفي ظل استمرار حالة عدم الاستقرار التي تشهدها مصر غادر عدد من رعايا الدول الأجنبية البلاد حيث أقلعت عشرات الطائرات من مطار القاهرة خلال الساعات الأخيرة من بينها طائرات باتجاه تركيا وإسرائيل وروسيا والتشيك والولايات المتحدة في انتظار مغادرة المزيد من الأجانب.