وجه رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح أمس رسالة لكافة المواطنين الجزائريين وبخاصة فئة الشباب يدعوهم فيها لصون البلاد من كل المحاولات الرامية إلى زعزعة استقرارها وعرقلة ديناميكية التنمية، واعتبر الظرف الحالي الذي تمر به الجزائر مناسبا لمواصلة البناء وليس العكس. وخاض السيد بن صالح في الخطاب الذي ألقاه أمس بمناسبة إشرافه على جلسة اختتام الدورة الخريفية للغرفة العليا في الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد وقدم وجهة نظر الغرفة الثانية حولها، موضحا ان المطالب المعبر عنها مشروعة لكن الطريقة التي تم التعبير بها عن تلك الانشغالات لم تلق قبولا من أي طرف كان. وابرز رئيس مجلس الأمة خطورة تلك الأحداث بالنسبة للجزائر وبالنسبة لمسار التنمية، ودعا في هذا السياق المواطنين ''الذين يحملون الجزائر في القلب أن يلتفوا حولها ويبنوها ويصونوها من التربصات التي تعمل على زعزعة استقرارها وعرقلة ديناميكية تنميتها (...) نقول لهم علينا أن تستخلص الدروس مما حصل لنا وما حصل حولنا''. وناشد الشباب بأن ''يكون بمثابة السواعد التي تبني هذا الوطن لا الأذرع التي تهدم انجازات هذا الشعب''، وأضاف موجها كلامه لفئة الشباب دائما ''لا تفتحوا الأبواب بأيديكم للقوى التي لا يروقها ان تكون الجزائر مستقرة ومتقدمة''، مبديا ضمن نفس الرؤية استغرابه لكل المحاولات الرامية الى استغلال الأحداث الأخيرة ''لغايات معروفة''. وذكر رئيس المجلس انه ''من الضروري أن نعطي المثل بوحدة الصف (وفي هذا الوقت بالذات) وبالعمل الجدي الذي بواسطته نحقق التقدم ونعزز الاستقرار''. وحذر من تناسي ما حدث في الجزائر خلال العشرية الحمراء وقال ''يجب ألا ننسى أونتناسى الحقيقة التي مفادها أن آثار الماضي القريب بكل ما سببه لنا من أتعاب ومضار لا يزال في بعض جوانبه جاثما فوق رؤوسنا''. ويرى السيد بن صالح ان الظرف الحالي هوللبناء وليس للهدم وهوما يستوقف الجميع من اجل العمل على مواصلة الجهود الرامية الى إحداث قطيعة مع الماضي. وعاد من جهة أخرى ليقدم تفسيرا عن الأسباب التي تقف وراء تلك الأحداث موضحا ان الشباب خرج الى الشارع للاحتجاج عن ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية والمطالبة بتلبية بعض مطالبهم الخاصة''. وحمّل مسؤولية ما وقع لكافة الأطراف والحساسيات الوطنية وقال ''نعتقد أن المسؤولية فيها تبقى متقاسمة بين الجميع، الجهات المعنية في مؤسسات الدولة، الاسرة، المنتخبون على كافة المستويات والمدرسة والجامعة والمحيط الاجتماعي، المجتمع المدني ووسائل الإعلام'' وأوضح ان كافة هذه الفئات مطالبة ''كل في نطاقها بالتفكير والعمل على تغيير هذا الوضع غير المريح بالنسبة للشباب''. وفي سياق اعترافه بشرعية مطالب المحتجين أكد السيد بن صالح ان السلطات العمومية تعاملت بحكمة مع تلك الأوضاع، ونجحت الى حد بعيد في التخفيف من معاناة المواطنين، وتوقع ان تواصل الحكومة في نفس النهج من خلال تكثيف جهودها لحماية المواطن من المضاربين، وإيجاد حلول جذرية للمشاكل الاجتماعية الحقيقية. واعتبر السيد بن صالح بأن جهود الدولة وإنجازاتها ''كانت معتبرة خلال الفترة لكنها (الجهود والانجازات) لم يتم الترويج لها والتعريف بها بالشكل الكافي''. وأوضح في نفس الصدد أن الحوار الذي كان يفترض أن يكون مع الشباب في هذا الموضوع كان إما ضعيفا أومنعدما الأمر الذي عقد الأمور وجعل بعض الشباب يخرج إلى الشارع ويعبر عن مطالبه بالعنف الذي شاهدناه. وضمن هذا التصور دعا رئيس مجلس الأمة الى مراجعة النظرة التي يتم من خلالها التعامل مع الشباب من خلال تقوية منابر الحوار والإكثار من الفضاءات الشبانية الكفيلة بتمكينهم من إبراز طاقاتهم وتوفير شروط عيشهم. وبالموازنة مع إسهابه في تناول الأحداث الأخيرة، قدم السيد بن صالح حصيلة نشاط المجلس خلال الدورة الخريفية، واعتبر تقديم بيان السياسة العامة أمام المجلس الحدث الأبرز كونه برهن على صدقية الأداء المؤسساتي في البلاد وعزز من العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وأكد رئيس مجلس الأمة في نفس السياق بأن الدورة الخريفية المنتهية ''كانت ثرية'' كما ان النصوص التي عالجتها كانت ''جد هامة''، مشيرا بالمناسبة الى مختلف النصوص القانونية التي ناقشها وصادق عليها منها قانون المالية لسنة ,2011 وقانون ضبط الميزانية، وتلك النصوص المتعلقة بحسن تسيير المال ومحاربة الفساد المالي.