حذّر رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، المواطنين من خطورة الانسياق وراء محاولات بعض الأطراف لاستغلال الاحتجاجات الأخيرة لتحقيق أهداف غير معروفة، ودعاهم في المقابل إلى استخلاص الدروس من المرحلة الماضية، منتقدا طريقة التعاطي مع انشغالات الشباب الذين قدّر بأن الحوار معهم »كان إما ضعيفا أو معدوما« رغم اعترافه بالجهود المبذولة من طرف الدولة. دافع رئيس مجلس الأمة عن المطالب »المشروعة« للشباب قائلا: »إننا ندرك أن خروج الشباب إلى الشارع كان للاحتجاج على ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية والمطالبة بتلبية بعض مطالبهم الخاصة..«، مضيفا »وإننا بقدر ما نتفهم المعقول من هذه المطالب والانشغالات فإننا لا نتفق على الكيفية والطريقة التي تمّ التعبير بها عن هذه الانشغالات والمطالب..«. وأورد بن صالح في كلمة له أمس بمناسبة اختتام الدورة الخريفية للبرلمان، أن مسؤولية الأحداث العنيفة التي عرفتها الجزائر في الفترة الأخيرة تتحمّلها العديد من الأطراف ذكر من بينها مؤسسات الدولة والأسرة، والمنتخبين بكل مستوياتهم، إلى جانب كل من المدرسة والجامعة وحتى المحيط الذي يعيش فيه الشباب، كما لم يستثن المجتمع المدني، بل إنه طالبهم جميعا ب »التفكير والعمل على تغيير هذا الوضع غير المريح..«. وعلى حدّ اعتقاد رئيس الغرفة للعليا للبرلمان فإنه لا أحد يُمكن أن ينكر جهود الدولة في الميدان »لكن هذه الجهود والإنجازات لم يتم الترويج لها والتعريف لها بالشكل الكافي..«، مثلما اعتبر أن »الحوار الذي كان يُفترض أن يكون مع الشباب في هذا الموضوع كان إما ضعيفا أو معدوما..«، وبرأيه فإن هذا الأمر هو الذي »عقّد الأمور وجعل بعض الشباب يخرج إلى الشارع ويُعبّر عن مطالبه بالعنف الذي شهدناه«. وعلى هذا الأساس شدّد عبد القادر بن صالح على ضرورة استخلاص العبرة مما حصل »الآن وبعد كل الذي حصل، المنطق يقتضي مستقبلا مراجعة نظرتنا لكيفيات التعامل مع هؤلاء الشباب من خلال تقوية منابر الحوار والإكثار من الفضاءات الشبانية الكفيلة بتمكينهم من إبراز طاقاتهم« إضافة إلى »توفير شروط عيشهم.. وبتعبير آخر الوقوف إلى جانبهم لتجاوز المصاعب إلى أن يُحقّقوا الاستقرار في حياتهم..«. وحتى لا يُساء فهم ما قال استطرد المتحدّث »إننا لا نشكّ في وطنية شبابنا ولا في قدرته على رفع التحديات.. وهذه القناعة هي التي تشجعنا الآن على مناشدته بأن يكون بمثابة السواعد التي تبني هذا الوطن لا الأذرع التي تهدم إنجازات الشعب«، وخاطبهم قائلا: »لهؤلاء نقول لا تهدموا ما بناه كل أبناء الجزائر وما حققوه من نتائج بجهد ومال.. إن الوقت الآن هو وقت البناء لا الهدم«، وصرّح كذلك »نقول لشبابنا لا تفتحوا الأبواب بأيديكم لقوى التي لا يروقها أن تكون الجزائر مستقرة ومتقدّمة«. كما نبّه رئيس مجلس الأمة المواطنين والشباب على السواء إلى أنه »لا يجب أن ننسى أو نتناسى الحقيقة التي مفادها أن آثار الماضي القريب بكل ما سبّبه لنا من أتعاب ومضار لا يزال في بعض جوانبه جاثما فوق رؤوسنا..«، مستغربا مما وصفه »تلك المحاولات الرامية إلى استغلال الأحداث المؤسفة التي عرفتها بلادنا لغايات غير معروفة«، فيما جدّد دعوة الجميع إلى »مواجهة التحديات التي أضحت تعترض الوطن وتتهدّد مستقبله الذي هو مستقل كل مكونات المجتمع«. وبموجب ذلك توقّع عبد القادر بن صالح أن تؤتي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بتوصيات من رئيس الجمهورية بنتائج إيجابية على القدرة الشرائية للمواطن التي اعترف بأنها »تأثّرت كثيرا في المدة الأخيرة نتيجة الارتفاع الكبير في الأسعار..«، معتقدا أن »الحكومة ستواصل جهدها وعنايتها في مجال حماية المواطن من المضاربين، وهي ستعمل دون شك على إيجاد الحلول الجذرية المناسبة للمشاكل الاجتماعية الحقيقية المطروحة«.