أصبح ذكر مصطلح ''السوق'' مقترنا بالمرأة، وهذا لما تشهده أسواقنا من إقبال كبير من طرف النساء سواء كن متزوجات أو عازبات، عاملات أو ماكثات بالبيت، حتى أضحى هذا الإقبال اللامعقول داء يصيب أغلب النساء، وذلك لأسباب اختلفت من امرأة لأخرى إلا أنهن اشتركن في كونهن مهووسات بالتسوق. تحولت الأسواق في بلادنا إلى جزء لا يتجزأ من حياة أغلب النساء الجزائريات، بالنظر إلى إقبالهن الهائل وبمختلف أعمارهن ومستوياتهن، إذ لاحظنا أن تعلق المرأة بالسوق أصبح ظاهرة أو بالأحرى مرضا إن صح القول، فبمجرد دخولنا إلى أي سوق لا نكاد نلمح رجالا إلا ما قل، وأغلب هؤلاء باعة. إن غزو المرأة لهذا المكان وبهذا الشكل الملفت، جعلنا نتساءل عن الأسباب الحقيقية وراء هوسها بالتسوق، لذلك اقتربنا من العديد من النساء المتسوقات واستفسرنا عن الدوافع أو الأسباب التي تجلعهن يتركن بيوتهن ويتجهن إلى الأسواق. قتل الوقت ومحاربة الكآبة اختلفت الأسباب وتعددت، فهناك من ترى أنها تتسوق لأن الرجل أصبح همه الوحيد عمله ولا وقت لديه ليقضيه في التسوق، أو لأن المرأة هي العارفة بما يناسبها وما يلزمها في البيت، أو لأنها تتجه إلى السوق لمجرد شعورها بالكآبة والوحدة والفراغ، فترى فيه طريقة ترفية عن النفس وتحسين حالتها النفسية وكسر الروتين اليومي، في حين كشفت أخريات أنهن مولعات بالشراء وأنهن يتأثرن بالتنزيلات و''الأوكازيونات'' الموضة في الأسواق من حين لآخر حتى لو لم يكنّ بحاجة إليها. تقول متسوقة التقيناها بسوق الرغاية المغطى شرق العاصمة إن السوق بالنسبة لها متنفس للهروب من ضغوطات الحياة ومشاكلها ومسؤولياتها، تقصده بصفة دائمة حتى لو لم تكن نيتها الشراء، وهي ترى أن تنوع المنتوجات وعرضها بشكل جذاب يجعلها تقصد هذا المكان باستمرار. ولما سألنا مجموعة فتيات مراهقات تشابهت إجاباتهن في كونهن يحبذن التسوق للتعرف على منتوجات جديدة دخلت السوق مؤخرا، والتي تعرض بشكل مغرٍ يجذب الأنظار، وأضافت أن التسوق بشكل مستمر يتيح لهن فرصة العثور على شريك الحياة! فراغ وكسر الروتين طرحنا تساؤلاتنا على الباعة في ذات السوق، فلم تختلف إجاباتهم كثيرا عن إجابات المتسوقات، إذ قال صاحب محل أدوات تجميل إن النساء يقبلن على السوق بشكل ''فظيع'' لوجود رغبة ما في حياتهن أو لحبهن كسر الروتين اليومي، وأضاف أن وجود منتوجات مغرية للغاية وبشكل مستمر يجعل المرأة لن تشبع من الشراء والتردد على بيتها الثاني وهو السوق. أما صاحب محل ملابس نسائية فيرى أن تعلق المرأة بالسوق أمر طبيعي، لأنها ربة المنزل وتعرف ما يلزمها وما يناسبها أكثر من الرجل الذي تنازل عن مهمة التسوق للمرأة. ويرى صاحب محل أحذية أن للمرأة نقطة ضعف تجعلها لاتتوانى عن التردد على الأسواق، ألا وهي التنزيلات والتخفيضات التي تؤثر في المرأة بشكل عجيب. وعكس هذه الآراء فقد قال صاحب محل للأواني المنزلية ''إن نقص (الرجلة) جعل المرأة تتمادى وتبالغ في التسوق، وتتمرد على الرجل الذي أصبح لا يمكنه التحكم فيها بحكم قوانين حرية المرأة، وأضاف أن النساء يتسوقن ليس لمجرد إشباع حاجاتهن، بل إنهن يتأثرن ويغرن ويقلدن غيرهن من النساء''.