حملت زيارة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى تمنراست أول أمس، الأمل والحياة لسكان مناطق أقصى الصحراء الجزائرية، بالنظر إلى الإنجازات الضخمة والتاريخية التي استفادت منها هذه المناطق التي عانت طويلا، وفي مقدمتها الإنجاز الكبير المتمثل في تحويل الماء من على بعد 750 كلم وإيصاله إلى مواطني هذه الولاية التي عانت كثيرا من ندرته. ولما كان الماء هو الحياة، فإن الرئيس الذي وعد في جانفي 2008 بتجسيد هذا المشروع العملاق الذي يعتبر تحديا تكنولوجيا وصناعيا بامتياز، ليس في متناول كل الدول تحقيقه، يكون قد وفق في إعادة بعث الحياة في قلوب سكان تمنراست والمناطق المجاورة لها، بكل ما تتضمنه هذه الحياة من معالم الأمان والاستقرار والتنمية والازدهار، محققا بالتالي مكسبا جديدا وأساسا آخر لبعث التنمية في المنطقة، وممهدا لمرحلة جديدة ستحمل وجها مشرقا وحيويا لمناطق كانت معزولة بالنظر لبعد المسافة، لا سيما وأن هذا المشروع الضخم الذي يشق التضاريس الصحراوية الصعبة لمنطقة ''أراق'' والجبال الصخرية لمنطقة ''اينكر'' جاء ليروي عطش أزيد من 100 ألف نسمة تقطن بمدينة تمنراست وبلديات الولاية القريبة. ومن ضمن الإنجازات الأخرى التي تكرس معالم الحياة في ولاية تمنراست، الطريق العابر للصحراء الذي فتح السيد بوتفليقة شطره الرابط بين تنمراست وعين قزام، والذي سيضمن الربط بين الجزائر وجيرانها في القارة، وينعش حركية النشاط الاقتصادي والتبادلات التجارية في المنطقة، وما يرافق هذه الحركية من مقومات للأمن والأمان، وتكثيف للتنسيق الأمني بين دولها التي لازالت تبحث عن الصيغ المثلى لإعادة الاستقرار إليها بعد أن استغلت المجموعات الإجرامية والإرهابية فراغها وشساعتها لتنفيذ مآربها.. وحرصا منه على أهمية تعميرها وبعث الحياة في كل أجزائها، أقر الرئيس بوتفليقة بمناسبة زيارته إلى تمنراست برنامجا تنمويا تكميليا بقيمة 17 مليار دينار، موجها بالأساس إلى استحداث 4 قرى جديدة على طول المسار الرابط بين عين صالح وتمنراست، وإعادة الاعتبار ل4 قرى أخرى موجودة، من خلال دعمها بمختلف المرافق الضرورية للحياة، وتزويدها بأرقى الوسائل التكنولوجية، بالاعتماد على ما سيتيحه مشروعا أنبوب الغاز والألياف البصرية اللذين يعبران المنطقة في خط مواز للطريق العابر للصحراء الذي يشكل هو الآخر العصب الرئيسي لبعث التنمية في المنطقة. والأكيد أن هذه المشاريع وغيرها من المشاريع التنموية ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي التي استفادت منها ولاية تمنراست ستعزز مرتبتها كعاصمة للأهقار وطموحها في أن تكون مفترق طرق قاري. كما تؤكد التزام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في تحقيق المساواة في مستويات وفرص التنمية بين مختلف مناطق الوطن، وهذا ما يجعله يعطي أولوية خاصة لمضاعفة مقومات هذه التنمية في ولايات الجنوب، والتي لم تستثن من البرامج والمشاريع الاستراتيجية، على غرار مشروع تحويل المياه الذي كان حلما فتحقق، بفضل إصرار الرجل الأول في البلاد الذي خصص له ميزانية استثنائية بلغت 3 ملايير دولار، بالاضافة إلى جهود رجالها الذين تحدوا الطبيعة لتجسيد هذا الإنجاز الكبير.