كشف البروفيسور سليم نافتي رئيس مصلحة الأمراض التنفسية والعلاج ضد التدخين بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا بالعاصمة بمناسبة اليوم العالمي لمرض السل الذي يصادف ال 24 مارس من كل سنة لجريدة "المساء" بأن المرض يعرف إنتشارا مخيفا منذ سنة 1990 إذ وصل عدد المصابين إلى 20.000 مصاب حسب إحصاءات نهاية سنة 2007 بينهم 9000 حالة معدية· وأضاف البروفيسور نافتي في هذه الدردشة قائلا: بأن العشرية السوداء قد ساهمت بشكل كبير في إنتشار هذا المرض نتيجة إتلاف 50 مركزا لمكافحة السل، وتفشي الفقر وأزمة السكن، إذ نزح سكان الأرياف إلى بناءات فوضوية قديمة تتوفر على شروط تنامي الإصابة بالسّل، هذا بالاضافة إلى ضعف القدرة الشرائية للمواطن وتفشي اللاأمن الغذائي· وقد عبّر البروفيسور نافتي لجريدة "المساء" في كلمته بمناسبة اليوم العالمي لمرض السل عن أسفه لهذا الارتفاع في عدد المصابين معبّرا عنه بالمذهل والمخيف، ومفسّرا إياه بانتشار ظاهرة الفقر وتدهور الوضع المعيشي الذي يتماشى طرديا مع السّل لأن نقص الغذاء يضعف قوة مناعة الجسم وحصانته، إذ تحدث الأمراض المزمنة ويصاب الجسم بالهزال فيعجز عن مقاومة هذا المرض الذي سببه ميكروب "الباسيل دوكوخ" المكتشف سنة 1887 والذي يعيش في الهواء حيث الرطوبة والأوساخ، وينتقل الى الإنسان من خلال عملية التنفس بواسطة الهواء الملوّث مباشرة أو عن طريق العدوى نتيجة وجود مصاب وسط سالمين في غرفة نوم أو جلوس أو وسيلة نقل وخاصة إذا كان مكان التواجد غير معرّض للتهوية وأشعة الشمس التي تقضي على هذا الميكروب في الجو· وأشار السيد نافتي في ذات السياق الى أن الجزائر كانت في سنة 1990 من بين البلدان التي نجحت في مكافحة مرض السل بحيث انخفض عدد المصابين الى 50 حالة مقارنة بسنة 1962 أين كان عدد الحالات قد تراوح ما بين 100 الى 150 حالة لكل 100.000 شخص، وقد تقلّص هذا العدد بفضل البرنامج الناجح الذي أقرّته الجزائر والذي توخت من خلاله مجانية التشخيص والعلاج وكذلك التطعيم لأن التخلص من هذا المرض يستدعي متابعة العلاج دون انقطاع مع توفّر الأدوية كما أن التوقف عن العلاج يضاعف من خطورة المرض بحيث يصبح الميكروب مقاوما وقابلا للانتشار أي أنه يصبح معديا علما أن نسبة الأشخاص الذين يتم شفاؤهم دون تناول الأدوية وفي ظل توفر الهواء النقي وأشعة الشمس لا تتجاوز (1 في الألف) وأوّل مضاد اكتشف ضد مرض السّل كان سنة 1947· واعتبر المختص نافتي أن مشكل نقص الأدوية يشكل عائقا أمام تطبيق البرنامج المتبّع لمكافحة السل في الجزائر والذي كان من المفروض أن يتم تطبيقه في كل المراكز الاستشفائية الجامعية على مستوى القطر الجزائري· ومن أعراض هذا المرض السعال والنخمة لمدة تزيد عن ال21 يوما، البصاق المرفوق بالدم، الهزال، التعرق أثناء النوم، نقص شهية الأكل، الشعور بالتعب، ويتم الكشف عنه بعملية سهلة تتمثل في وضع عينة من البصاق تحت عدسة المجهر وفي حال وجود ميكروب "الباسيل دوكوخ" توضع عينة البصاق في الرطوبة ودرجة حرارة مماثلة لدرجة حرارة جسم الانسان (37 درجة مئوية)، وذلك لتحديد نوع هذا الميكروب، إن كان معديا أم يستدعي العلاج فقط، ويتم الشفاء من هذا المرض بعد علاج منتظم ومكثف لمدة 6 أشهر حيث تصل نسبة الشفاء الى 99% حسب ذات المتحدث، في حين تبقى نسبة 1% كحالة الإصابة بالميكروب المعدي (المقاوم) الناتج عن الانقطاع في العلاج لفترة ما بسبب نقص الأدوية أو تهاون الشخص المصاب عن مواصلة تناوله للأدوية المشخصة· وقد قدرت الإحصاءات سنة 2007 بأنه توجد 50 حالة من المصابين الحاملين للميكروب المقاوم (السل المعدي) في الجزائر، علما أنه توجد ثلاثة مراكز استشفائية جامعية على المستوى الوطني تعالج هذه الحالة الخطرة· وركّز السيد نافتي على ضرورة توفّر الأدوية للتخلّص من المرض، ووجوب تمكين العلاج في كامل المستشفيات الجامعية التي عددها 13 مستشفى أو على الأقل خلق أربعة مراكز (في الشرق، الوسط، الغرب، الجنوب) على أن تتوفر الأدوية بشكل مستمّر وكاف لأن من المشاكل التي تعانيها المراكز الثلاثة المتوفرة على هذا النوع من العلاج (مدينة عنابة، الجزائر، وهران) هي عدم توفر الدواء بصفة مستمرة وكافية، إذ يتم طلب الدواء من صيدلية مديرية الصحة ومكتب مرض السّل التابع للوزارة بإشراف من مدير الوقاية الذي من صلاحياته التكفل بكل برامج الأمراض التي منها السل، غير أن الانقطاع في عملية التزويد بالدواء قد تحدث مما يزيد من خطورة المرض وانتشاره بسرعة· وتأسّف البروفيسور عن عودة مرض السل بنسة كبيرة وقال: إن الجزائر لها امكانيات بشرية إذ يوجد طبيب واحد لكل ألف مواطن، وتوجد مراكز الصحة والنعمة الإلهية من هواء وشمس، ولا يتوفر الدواء بصفة مستمرّة في حين تتوفر مواد تساهم في وجود مرض السل كالسجائر التي تحدث جرح الرئتين فتنقص مناعتها ويتكاثر الميكروب بداخلها· ويتم اكتشاف من حالة الى حالتين في اليوم على مستوى المصلحة المختصة في مكافحة مرض السل بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، ونسبة 10% من أعراض التنفس في الشهر بينها 1% حالة مرض السل· وقد وجّه البروفيسور نافتي نصيحة الى كلّ الأشخاص المصابين بأعراض التنفس بالتوجه الى طبيب العائلة أو طبيب المركز الصحي للكشف والعلاج حتى لا تنتقل العدوى الى الآخرين، ومن كان مدخنا فجميل أن يكتشف من خلالنا الأعراض بنفسه كي يقلع عن التدخين· وعن الحملات الإعلامية التي تقوم بها بعض المؤسسات الإعلامية للوقاية من هذا المرض قال محدّثنا أنها جيدة لأن الناس يطلعون عليها، ولكن يجب أن توجه الناس الى العلاج والكشف عن المرض أيضا ويجب دوام التوجيه من خلال هذه الحملات· للإشارة فقد سجلنا بمصلحة مكافحة السّل لمستشفى مصطفى باشا متابعة دؤوبة لعملية تطوّر هذا المرض بلغة الأرقام كل شهر، ففي شهر ديسمبر 2007 سجلت11 حالة إصابة 04 حالات منها معدية، وفي جانفي 2008 سجلت 13 حالة منها 09 حالات معدية، وفي شهر فيفري المنصرم 30 حالة منها 07 حالات معدية·