"وجدنا حركة مسرحية تضحك ولا تبكي، تنسي الهموم ولا تثير الاهتمام، تغفل الناس ولا توعيهم بقضاياهم المصيرية"، هذا ما أكده الباحث الأستاذ الطاهر بن عيشة، الأربعاء الفارط بالمسرح الوطني الجزائري·
وأكّد ضيف العدد الخامس من فضاء صدى الاقلام أن المسرح يجب أن يعالج مشاكل الناس ويطرح قضاياهم النضالية سواء ضد الاستعمار أو ضد الفساد، وألا يكون للفكاهة والضحك فقط، مشيرا إلى أن الفرقة المسرحية التي كان يقودها كانت تعالج مختلف القضايا الوطنية الحسّاسة قبيل اندلاع الحرب التحريرية حيث اعتبر توعية الناس والدفاع عن مشاكلهم وقضاياهم أسمى هدف يمارس المسرح من أجله· وفي شهادة مفتوحة عن مواكبته للمسرح الجزائري منذ الاربعينيات، استهل السيد بن عيشة حديثه بالإشارة إلى أول علاقة له بالمسرح، حيث دعا وأسّس جمعية طلابية مسرحية بعد قدومه من واد سوف مسقط رأسه عام 1946 معتمدا على روايات الأديب والشاعر محمد العيد آل خليفة والتي كانت مواضيعها تدور حول غطرسة المستعمر الغاشم ومعاناة الشعب بسببه، إضافة إلى روايات مكي شباح الذي اشتهر برواية الشاب السكّير الجاهل· وكشف الأستاذ الطاهر بن عيشة أنّ السيدة سلوى كانت أول امرأة تشارك في عرض مسرحي رفقتهم آنذاك حيث واجه صعوبة كبيرة في ايجاد فتاة تمثل في فرقة مسرحية، ليحصل في الأخير على موافقة أمها· وحول ظروف عرض المسرحيات آنذاك، أوضح السيد بن عيشة أنّ العرض كان مجانا للجمهور، وذلك بسبب فكرة كان يحس ويؤمن بها هي أنه لابد من مسرح يقدم للجمهور حتى تتم توعيته ولفت انتباهه للقضايا النضالية التي تخصّه· وبعد ذلك أسس الأستاذ الطاهر رفقة مجموعة من الرفقاء جريدة عصا موسى (1952) التي كانوا يواجهون بها الاستعمار، وهذا ما أدخله إلى السجن، لينتقل بعدها إلى تأسيس فرقة الإذاعة التمثيلية والتي كان من أهم برامجها: "ركن العمال"، "من أدب الثورة" و"برنامج نافذة على إفريقيا"· بعدها تدخل الأستاذ محمد تين أحد أصدقاء ومقربي الطاهر بن عيشة حيث قسم مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية إلى معلمين بارزين في تاريخ المسرح وهما "مكي شباح" وهو مناضل ومسرحي عريق شارك مع الأستاذ رضا حوحو في تأسيس أول فرقة مسرحية، والمعلم الثاني "نادي الترقي" الذي لعب دورا كبيرا في تحضير الجزائريين لمواجهة الاستعمار بتوعيتهم، حيث كان مفتوحا لكل الحركات والأحزاب· كما اعترف السيد "تين" بأن الأستاذ الطاهر بن عيشة توقّف كثيرا عند قيمة الإنسان، حيث اختار القضية وليس المال واختصر أن بن عيشة من الناس الذين اختاروا الارتباط بالمبادئ والقيم ليتم اختتام العدد بنقاش أثراه جمع الحضور من الصحافيين وبعض الطلبة الجامعيين·