لا يزال الكثير من الأشخاص يحرصون على اقتناء الكتب الدينية وكذا المصاحف التي تتميز بخفة حملها وقابلية التنقل بها، ومع ذلك، يصف بعض باعة الكتب المصاحف بالهدية الرمضانية التي ينسج عليها الغبار خيوط النسيان، ليحولها إلى مجرد قطعة ديكور في المنزل بسبب تدني درجة المقروئية، في إشارة إلى أن المبيعات تشهد نموا ملحوظا في مثل هذه الأوقات من السنة، لكن درجة الترتيل خلال رمضان تبقى منخفضة. لا يختلف اثنان على أن الكتب الدينية والمصاحف أفضل زاد يتزود به المسلم في هذا الموسم الديني، ففيها أحكام الصلاة والصوم وكل ما يهم المسلم من عبادات، فضلا عن كونها من وسائل الدعوة التي تساعد الكثير من الناس على تغيير سلوكهم. وحول ما إذا كانت وسائل التكنولوجيا الحديثة أبعدت الكتب الدينية والمصاحف عن اهتمام الجمهور المسلم، قالت بائعة كتب بشارع علي بومنجل: ''أستطيع الاعتراف بأنها أخذت حيزا لا بأس به من الاهتمام، ومن خلال هذا الواقع يمكن أن نستخلص مدى منافسة المطالعة لشاشة النات، فللكتاب مكانة مقدسة لدى بعض الزبائن، مما حال دون تغييبه في زمن طغيان حضارة الصورة." لكن الجدير بالاعتراف بحسب المتحدثة هو أن الإقبال على الكتب الدينية في رمضان يكون بدرجة أقل كثيرا من الإقبال على اقتناء المصاحف، مشيرة إلى نسبة مبيعاتها تزداد خلال رمضان بنسبة 40 بالمائة. وذكرت ل ''المساء'' أن أحد الزبائن اقتنى11 مصحفا، لافتة إلى أن كثيرين يفضلون التبرع بالمصاحف للمساجد طمعا في ثواب صدقة جارية أو رغبة في التصدق بها لصالح موتاهم. وبرأي السيد محمد بوداود، مسؤول الشركة الجزائرية بوداود الكائنة بباب عزون: فإنه من المطلوب فعلا المحافظة على اقتناء المصاحف والكتب الدينية لتفادي الوقوع تحت تأثير بعض القنوات الدينية المضللة، والتي غرست في أذهان الكثير من شباب اليوم العديد من المفاهيم المغالطة. أما فيما يخص إقبال الجمهور على اقتناء الكتب الدينية والمصاحف في هذا الشهر، وعما إذا كان هذا الإقبال قد شهد تراجعا أم لا يؤكد أنه ما زال الإقبال على المصاحف في مستوياته المقبولة على مدار أيام السنة، فيما يبقى الإقبال على الكتب الدينية ضعيفا سواء في رمضان أو بعده..وأردف: من الملاحظ أن الإقبال على اقتناء المصحف ما زال موجودا بدرجة ملحوظة، ولكن للأسف أصبح مرتبطا ببعض المناسبات ليقدم كهدايا ليس إلا، وإذا كان البعض يتذكره في هذا الشهر بغية تلاوة آيات الذكر الحكيم، فإن الأمر ليس كذلك بالضرورة بالنسبة لمن يفضلون تقديمه كهدية للوالدين أو غيرهم من معارفهم. ولأن الأمر كذلك استنكر محدثنا أن يكون اقتناء المصاحف عبارة عن تقليد في بعض المناسبات أو تحصينا من شرور العين بدل الاستفادة من محتواه الذي أنشأ من أجله..واستكمل حديثه في هذا الشأن ليبرز:'' لا يزال البعض يقوم بشراء المصحف من باب الإهداء، وليس من باب حب التفقه في الدين أو معرفة أحكام الصوم بدليل وجود أعداد ضخمة من هذه المصاحف موضوعة في غرف البعض وكأنها ديكور يزين البيت فحسب، وهنا لا ننسى أن الكثير من هواة اقتناء المصاحف يتعاملون معها وكأنها قطع عادية لتزيين المكتبات كما كان الحال عليه في بعض العيادات الطبية سنوات الثمانينيات، بينما المطلوب أن نحرص على اقتطاع جزء من أوقاتنا للاستفادة من مضامينها." وجاء في معرض حديثه أنه رغم رواج تجارة بيع المصاحف طيلة أشهر السنة، إلا أن شراؤه لا يعدو مجرد موضة اجتاحت المجتمع منذ السبع السنوات الأخيرة، وهو ما يتجلى خلال مواسم الأعراس، حيث يقصده زبائن ينشدون تقديمه كهدية للعروس من خلال ضمه إلى قائمة محتويات جهازها..لكن ثمة نقطة استفهام مفادها: ما مصير هذا المصحف في بيت الزوجية؟''يتساءل مسؤول المؤسسة الثقافية بوداود. ويعد هذا التقليد رائجا في بعض الدول العربية التي تنتشر فيها ثقافة إهداء المصحف للعروس، لكن المفارقة تكمن في القراءة، حيث أن العروس الجزائرية التي تعيش غالبا في بيت أهل الزوج لا يمكنها أن تجد الظروف المواتية لقراءة آياته، مما يحوله إلى مجرد تحفة في غرفة نومها. ويكثر التهافت عادة على شراء المصحف من قبل الفتيات المقبلات على الزواج، والشباب الذي يسعفه الحظ في اقتناء سيارة، وكذا بعض الأولياء ممن يتوهمون بأن وضعه تحت وسادة الصبي تحصين من الشرور..ففي النهاية الكل يود اتقاء شر العين، فيما تذهب التلاوة في مهب حجة عدم وجود متسع من الوقت! تبعا للمصدر. وعن الكتب الدينية أضاف السيد محمد بوداود أن نسبة الطلب عليها لا تتعدى 10 بالمائة خلال الشهر الكريم لتنخفض إلى مادون ذلك في سائر الأيام العادية، حيث يبقى الطلب منحصرا على بعض الكتب التجارية على غرار تلك المتعلقة بقصص الأنبياء أو أحكام الصلاة والصوم..في الوقت الذي يتركز فيه اهتمام بعض الشباب على الكتب التي تعنى بالرابطة الزوجية والعلاقات الجنسية.. ومن جانبه، أكد صاحب مكتبة ''إقرأ'' بشارع حسيبة بن بوعلي أن إقبال الشباب على المصاحف يزداد يوما بعد يوم، خصوصا في مثل هذه المناسبة المباركة، موضحا أن اهتمام الجزائريين باقتناء المصاحف أمر رائج على مدار السنة، وتزداد نسبة الإقبال في رمضان بحوالي 10 بالمائة، لكن المشكلة هي أن الغرض من ذلك يتأرجح بين الإهداء والتصدق به للمساجد. وأبدا في هذا السياق تأسفه من تدني مستوى المقروئية عموما في المجتمع الجزائري، سواء تعلق الأمر بالمصاحف أو بالكتب الدينية وغيرها من الكتب التي يبدو أنها لم تعد خير جليس بالنسبة لعدة فئات اجتماعية..ليتكرر التساؤل مجددا:'أمة إقرأ..لماذا لا تقرأ؟