وضعت الشرطة البريطانية نهاية الأسبوع في حالة استنفار قصوى مخافة تجدد المواجهات بين الشباب المحتجين وقوات الأمن التي وجدت صعوبة كبيرة في احتواء الوضع وخاصة عمليات التخريب والحرق التي طالت المؤسسات والهيئات الرسمية والخاصة. واتخذت الحكومة البريطانية قرارا بإعادة نشر تعزيزاتها الأمنية في العاصمة لندن وكبريات المدن الأخرى التي شهدت أعنف المواجهات طيلة الأسبوع الماضي وخلفت سقوط خمسة قتلى وعشرات المصابين في أعنف مواجهات تشهدها المملكة المتحدة في تاريخها. وقال ستيف كفانا، مساعد رئيس شرطة العاصمة ''إن 16 ألف عون شرطة الذين تم تجنيدهم مباشرة بعد اندلاع المواجهات، سيتم الإبقاء عليهم في شوارع العاصمة لندن التي شهدت اندلاع أول شرارة لمواجهات دامية بين شباب الأحياء الفقيرة وقوات الشرطة مباشرة بعد مقتل شاب اسود برصاصة في الصدر''. وعندما ندرك أن تعداد عناصر الشرطة في العاصمة البريطانية لا يتعدى 2500 في الظروف العادية ورفع ذلك العدد عدة مرات ندرك درجة المخاوف التي تبديها حكومة ديفيد كامرون من اشتعال جديد للمواجهات بعد هدوء حذر ساد العاصمة والمدن البريطانية الكبرى الأخرى التي انتقلت إليها عدوى المواجهات بشكل متلاحق وفي مواجهات وصفتها الصحف البريطانية بالمشينة والمضرة بصورة المملكة المتحدة. وأكد كفانا أن تعزيزات مماثلة سيتم نشرها -أيضا- في مدن نوتنغهام وبرمنغهام وليفربول، حيث تم وضعها في حالة تأهب قصوى خلال أمس واليوم المصادفين لنهاية الأسبوع رغم أن الحكومة البريطانية قالت إنها لا تتوقع حدوث اضطرابات أخرى بعد ليلتين من الهدوء. وكانت وزيرة الداخلية البريطانية تريزا ماي أكدت، أمس، نشر مزيد من ضباط الشرطة في جميع المناطق التي تأثرت بأحداث الشغب والنهب التي شهدتها إنجلترا مؤخرا. ولتفادي تجدد هذه المواجهات فقد تم إلغاء مقابلة في كرة القدم في إطار الدوري البريطاني الممتاز بين فريقي توتنهام الحي الذي اندلعت فيه المواجهات في العاصمة لندن وفريق إيفرتون مساء أمس، حتى لا تكون المناسبة فرصة لأنصار الفريقين لإشعال فتيل الواجهات مرة أخرى مع قوات الشرطة واحتمالات توسع رقعتها لتتحول إلى أعمال شغب ونهب، مثلما حدث الأسبوع الماضي . ولجأت الحكومة البريطانية إلى هذا الإجراء الاحترازي رغم أن مختلف المدن عاشت هدوءا حذرا ولم تشهد أي مواجهات بمثل درجة عنف الأحداث التي شهدتها منذ السبت الأخير. واستنجدت مصالح الشرطة البريطانية بخبرة بيل براتون، مدير شرطة مدينة نيويورك السابق وأحد أعرق رجال الشرطة في الولاياتالمتحدة والذي تحول إلى مستشار لشرطة سكوتلانديارد من أجل تقديم خبرته في مواجهة أعمال العنف في المدن لتفادي تكرارها والإسراع في احتواء عناصر المجموعات الإجرامية التي اتهمتها الشرطة البريطانية بتأجيج المواجهات لتسهيل عمليات السرقة ونهب المحلات العمومية والخاصة. ولكن مسؤول الشرطة الأمريكي وفي أول جلسة عمل مع نظرائه البريطانيين أعاب اللجوء إلى عمليات الاعتقال الواسعة وقال إن ذلك لن يؤدي إلى تسوية الخلافات وأكد أن الأمر يتطلب تقنيات أخرى أكثر نجاعة وعلى رأسها تبني استراتيجية وقائية. وهو ما أشار إليه وزير الاقتصاد البريطاني جورج أوسبورن، الذي شدد التأكيد على ضرورة معالجة جوهر هذه الأزمة ومعالجة مشاكل الأقليات التي بقيت على الهامش وبقيت بعيدة عن اهتمام السلطات المركزية وأصبحت تعيش مشاكل اجتماعية واقتصادية عميقة بما يستدعي إيجاد حلول لها.