اختتمت أول أمس الخميس فعاليات الملتقى الدولي الاول حول علماء ومعالم وهران الذي احتضنت وقائعه جامعة العلوم والتكنولوجيا محمد بوضياف بإشراف وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد بوعبد الله غلام الله الذي ركز في مداخلته أمام جمع الأساتذة والباحثين القادمين من عدة دول عربية بأن الملتقى فرصة هامة لنفض الغبار عن مآثر علماء مدينة وهران التي كانت ومازالت مركزا مشعا لتلاقي وتبادل الأفكار· ودعا إلى مواصلة التنقيب والغوص في أعماق التاريخ لاكتشاف الدور الكبير الذي قام به هؤلاء العلماء الأجلاء في الدفاع عن هوية وشخصية وأصالة هذه الأمة، واعتبر بوعبد الله هذا الملتقى الأول الذي تم تخصيصه للإمام سيدي الهواري مناسبة لتواصل الأجيال مع تاريخهم الزاهر والمزدهر من خلال الامكانيات الهامة في مجال البحث التي يستغلها الأساتذة والباحثون الجامعيون لإظهار ماهو خفي من كنوز مازالت غير معروفة للعوام ولبعض الخواص، وشدد وزير الشؤون الدينية على ضرورة مواجهة كل من يحاول النيل من الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي قصد اضعاف الجزائر· مؤكدا أن الملتقى هو كغيره من الملتقيات الجادة التي تساهم في تعزيز شعور الاعتزاز بالانتماء للأمة لنكون قدوة في البحث والفكر والمعرفة لا أن نفكر في الهجرة وركوب الأخطار هروبا من بلد دافع على ذاته وكيانه· الملتقى الذي عرف مشاركة عدة اساتذة وباحثين من الجامعات الجزائرية المختلفة ومن المغرب وتونس تعرض بالتفصيل الى سيرة سيدي الهواري من خلال كتابة "روضة النسرين" الذي يعتبره الدكتور بوعرفة من المصادر الهامة في التعريف بالشيخ والإمام سيدي الهواري ومختلف رحلاته في طلب العلم ثم استقراره نهائيا بوهران في حين تعرض الدكتور عبد الرحيم العلمي (المغرب) الى وهران وسلطانها الهواري في أدب الرحلات المغربية من خلال تأسيسه على خلفية ثلاثة مقاصد أساسية هي آداء فريضة الحج والتفكر في عجائب صنع الله وطبائع الخلق وزيارة العلماء والأولياء طلبا للاستلهام من روحانياتهم· أما الدكتور حسن الصادقي فقد تعرض في مداخلته بإسهاب الى مدينة وهران وأعلامها في الكتابات المغربية مركزا على مختلف التقلبات الاجتماعية والسياسية التي عاشتها وهران في فترات عدة ليذهب بعدها الأستاذ والباحث صافي حبيب في مداخلته بعنوان "أثر العلماء في تحرير وهران" الى السياسة المحكمة والاستراتيجية الفائقة التي اعتمدها العثمانيون من خلال دعوتهم لعلماء الناحية الغربية (وهران) لتعبئة المسلمين والطلبة الحاملين للقرآن الكريم والحافظين له لمحاربة الاسبان وإجلائهم عن أرض وهران بالتحديد وهو ما كان له وقع ايجابي مكن من اخراج العدو مرتين لتكون المرة الثانية من دون رجعة كما أن تلك الاستراتيجية ساهمت بوضوح في احياء تعاليم الإسلام في أرجاء وهران التي عمل الاسبان على محوها طيلة وجودهم بها لكن دون جدوى، كل هذا بفضل الدور الذي قام به العلماء من وعظ وإرشاد· يذكر أن الملتقى الذي اختتم بقراءة العديد من التوصيات التي خرج بها قصد ترسيمه بصفة سنوية دعا الى ضرورة وضع استراتيجية علمية وأكاديمية لمتابعة البحث الهادف الى التعريف بكل الشخصيات التي ساهمت في ارساء الاسلام في هذا الوطن والدفاع عن كيانه وأصالته وشخصيته·