في عدد سابق كان زين الدين العربي، إمام بمسجد ابن فارس وعضو بالمجلس العلمي للإفتاء، قد دعا الصائمين إلى ضرورة ترك بعض السلوكيات السلبية خلال شهر رمضان، وهاهو اليوم يضرب لنا موعدا آخر ونحن نودع فيه هذا الشهر الكريم، ليحث من خلاله المواطنين على ضرورة التحلي والثبات على بعض العبادات التي دأبوا عليها خلال الشهر الفضيل. ردا على سؤالنا حول أهم الصفات أو السلوكيات التي ينبغي للمواطنين التحلي بها بعد انقضاء الشهر الكريم، قال الإمام زين الدين العربي: ''كان السلف الصالح رضي الله عنهم يقولون: ''كن ربانيا ولا تكن رمضانيا'' بمعنى أنه ينبغي للصائمين بعد العيد أن لا يكونوا مناسباتيين بتخصيص العبادة لله عز وجل في رمضان فحسب''. ويضيف قائلا: ''حقيقة نشهد خلال شهر رمضان الذي يعرف فيه بالروحانية الإيمانية استقامة سلوك الكثير من أفراد المجتمع، فنجد مثلا أغلب المصلين يلتزمون أكثر بأداء الصلاة وفي مواعيدها وبالمساجد، ويحرصون على أداء صلاة الصبح جماعة ويكثرون من قراءة القرآن وطرح العديد من الأسلئة في محاولة منهم لفهم دينهم، إلى جانب ترك بعض المعاصي والإبتعاد عن المحرمات، سعيا لصحة الصيام، ولكن سرعان ما تعود المياه إلى مجاريها، وتعود الأمور إلى سابق عهدها بعد أول أيام شوال، ولعل هذا يعتبر من المفاهيم الخاطئة التي ينبغي تصحيحها، لذا ينبغي على أفراد المجتمع أن يدركوا بأن العبادة التي يحبها الله عز وجل هي تلك التي تمتد على مدار السنة، وبأن يكون العبد واقفا عند حدود المولى سبحانه وتعالى، مصداقا لقوله تعالى: ''قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ''. من صورة الأنعام. ولأن شهر الصيام يتسابق فيه الصائمون على عمل الخيرات والإكثار من إخراج الصدقات في سبيل الله كإطعام الجائعين، والتصدق على المحتاجين، والفقراء، والمساكين. والحرص على صلة الأرحام سعيا للتقرب إلى الله ومضاعفة الأجر. إلا أن هذه المعاملات هي الأخرى يقول الإمام زين الدين العربي من الأخطاء الشائعة أيضا والتي تعوّد عليها سائر الصائمين، كون أن بعض الناس يربطونها بشهر رمضان فقط، وينقطعون عنها في باقي أشهر السنة''. ويضيف المتحدث ''حقيقة أن التصدق والعمل الخيّر في شهر الصيام يكون أجره مضاعفا، ولكن هذا لا يعني أنه غير مستحب أو غير مأجور عليه في غير الشهر الكريم ، لذا يقول الإمام زين الدين العربي ''ننصح أنفسنا وسائر المواطنين أن يواظبواعلى ما تعودوا عليه طيلة ثلاثين يوما من أيام رمضان، وأن يجعلوا التصدق وصلة الرحم وقراءة القرآن وحفظ اللسان والكف عن المعاصي...إلخ جزء من حياتهم اليومية." ومن الظواهر أيضا التي أصرّ محدثنا التوقف عندها هي تلك التي تخص النسوة، حيث قال: ''تلبس بعض النساء لباس العفة في رمضان ويعملن على تقويم سلوكهن من خلال الامتناع عن وضع المساحيق وتجنب التبرج والميل إلى ارتداء الثياب المحتشمة، بل أن بعضهن يلبسن الحجاب خاصة اللواتي يقصدن المسجد لأداء صلاة التراويح، إلا أنهن سرعان ما يعدن إلى سيرتهن الأولى، فبحلول العيد نجد بعضهن يتزين ويتبرجن أكثر مما كنّ عليه سابقا، إلى جانب الاختلاط وارتداء بعض الملابس المخالفة لآدابنا الإسلامية، وهي أيضا من الأخطاء الشائعة بعد رمضان، والتي يجب تصحيحها في أذهان النسوة اللواتي يمثلن نصف المجتمع، وذلك بالدعوة إلى الثبات على ما تعودن عليه برمضان. يدرك الناس قيمة رمضان في أول أيام العيد، كيف لا وهو ذلك الذي يعرف بشهر السكينة والرحمة، والحلاوة الإيمانية، وراحة البال، والفكر، كلها ظواهر نتمنى، يقول الإمام زين الدين العربي، أن يطول أمدها إلى ما بعد العيد. وقال محدثنا أيضا: ''نسأل الله عز وجل أن يثبت سائر المسلمين على دينه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل المولى عز وجل أن يثبته على دينه وعلى حبه لله، فكان صلى الله عليه وسلم يقول: ''اللهم يا مصرف القلوب، صرف قلوبنا على طاعتك''. وقال المولى تبارك وتعالى ''يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ''. وعليه ننصح المواطنين بعد انقضاء شهر رمضان الثبات على دينهم وأن يضلوا على اتصال مع خالقهم، وإذا كانت الحكمة الالهية تقتضي أن يقتصر رمضان على شهر واحد من أشهر السنة، فينبغي لسائر أفراد المجتمع أن يدركوا بان أسرار رمضان باقية بعد انقضائه لمن أراد أن يدركها أو أن يواظب عليها.