إذا كانت المساجد في الأيام العادية تعد القبلة المحببة عند كل المسلمين، فإنها في شهر رمضان المعظم تشهد إقبالا منقطع النظير، ولشدة لهفة المواطنين على اختلاف شرائحهم العمرية لمعرفة أمور دينهم وما يتطلبه شهر الصيام من مناسك وعبادات ومعاملات، تعد المساجد لهذا الغرض برامج دينية ثرية ومتنوعة. قامت "المساء" بزيارة ميدانية إلى بعض مساجد العاصمة من اجل الاطلاع على مختلف البرامج الدينية التي تعدها المساجد مثل كل سنة، فكانت الانطلاقة من مسجد ابن فارس الواقع بالقصبة، وفي دردشة قصيرة مع زين الدين العربي إمام وعضو بالمجلس العلمي بالعاصمة وعضو لجنة الإفتاء، قال " تبدأ الدروس بهذا المسجد بعد صلاة العصر حيث نقوم بدراسة كتاب رياض الصالحين للإمام النووي ونخصص لذلك نصف ساعة من الزمن، كما نقوم بشرح بعض الأحاديث الدينية، بينما نقوم بالإجابة على أسئلة المواطنين حول كل ما يخص أحكام الصيام وغيرها بعد صلاة التراويح.. بينما يوجه نشاط المدرسة القرآنية إلى طلاب الأطوار المتوسطة والثانوية وحتى الجامعين، حيث نركز في نشاطنا على تحفيظهم القرآن الكريم". وعن النشاط الموجه إلى الجانب النسوي، يضيف المتحدث "تقوم واحدة ومن المرشدات الدينيات المتمكنات في الشريعة والفقه في الوقت الممتد بين صلاة الجمعة وصلاة العصر، بإلقاء دروس على السيدات اللواتي يرغبن في فهم أمور دينهن، حيث تستقى الدروس من فقه الإمام مالك ". من جهة أخرى، علق المتحدث قائلا "محتوى الدروس في شهر رمضان نركز فيه خاصة على فقه المعاملات كالأخلاق و حسن المعاملة وآداب الصيام، ونقوم برواية قصص الخلف الصالح وسرد سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ونربطها بواقعنا لتقريب الصورة والمعنى". أما عن الإقبال الكبير الذي تعرفه المساجد خلال شهر رمضان، فيرجعه ذات المصدر إلى كون شباب اليوم، خاصة من الذين لا يؤدون فرض الصلاة يعتقدون أن الصوم لا يصح إلا بالصلاة، لذا يزيد عدد الشباب المقبل على المساجد في رمضان، ولهذا الغرض - كما قال - " نستغل الفرصة من اجل أن ننصح هؤلاء الشباب بأن لا يكونوا رمضانيين، لأن الله موجود على طول السنة وهو يستحق أن يعبد. كما نقدم لهم بعض الجوائز التحفيزية لجعلهم يواظبون على العبادات حتى بعد رمضان، كأن نهديهم مصحفا، كما نسأل عنهم ونوجههم"... وهو نفس نفس الاستعداد الذي لمسناه بمسجد عبد الحميد بن باديس حيث قال ل"المساء" مساعد الإمام " نقدم في شهر رمضان دروسا في الفقه وتفسير القرآن والأحاديث النبوية الشريفة، وذلك طيلة شهر الصيام بعد صلاة العصر، بينما نخصص بعض الوقت قبل صلاة العشاء لتقديم بعض الدروس حول أحكام الوضوء وكيفية المداومة على مختلف العبادات".
إقامة مسابقات دينية ثقافية علمية تعكف المساجد خلال شهر رمضان على تنظيم جملة من المسابقات الدينية الثقافية والعلمية، وهي موجهة لعامة الناس، وحول هذا يقول الإمام زين الدين العربي " نقوم عند حلول شهر رمضان من كل سنة بتعليق مجموعة من الأسئلة المتنوعة ذات الطابع الديني والثقافي على باب المسجد، بعدها نتلقى الإجابات ونوزع في ليلة 27 رمضان جوائز على الفائزين، ونهدف من وراء إجراء مثل هذه المسابقات إلى تنشيط الناس وجعلهم يبحثون في أمور دينهم، كما أنها تزيد في ثقافتهم ."بينما حدثنا المساعد بمسجد ابن باديس قائلا " نخصص في شهر رمضان مسابقة لحفظ القران الكريم من خمسة أحزاب إلى ستين حزبا، ونقوم بتكريم الفائزين في ليلة السابع والعشرين من رمضان، كما نقوم بتنظيم مسابقة أخرى نطرح فيها بعض الأسئلة ذات الطابع الفقهي وأخرى حول الشريعة الإسلامية وتفسير القرآن الكريم، وهي موجهة بالدرجة الأولى للطلاب، حيث نهدف من وراء ذلك إلى تحفيز الشباب على دراسة القرآن وحفظه وفهم معانيه، دون أن ننسى المسابقة الخاصة لمن يدرسون في أفواج محو الأمية، حيث نعد لهم مسابقة في حفظ القران لتشجيعهم على قراءة القرآن الكريم".