ينتظر أن يخوض الفلسطينيون معركة دبلوماسية لم يسبق لهم خوضها في كواليس أروقة منظمة الأممالمتحدة مع افتتاح أشغال جمعيتها العامة غدا الاثنين دفاعا عن مطلبهم للحصول على عضوية كاملة لدولة فلسطين المستقلة والذي سيكون من بين أهم الملفات الساخنة المطروحة على طاولة نقاش الهيئة الأممية. وبدأت ملامح هذا السجال الدبلوماسي العنيف بخصوص المطلب الفلسطيني تطفو على واجهة الحدث الدولي في ظل الانقسام الحاصل في مواقف المجموعة الدولية بين مؤيد ورافض ومتحفظ على إعلان إقامة الدولة الفلسطينية. ويبدو أن الاتحاد الأوروبي الذي أبقى على تحفظه لحد الساعة بخصوص هذه القضية، يعارض المسعى الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة عبر الأممالمتحدة، وهو الأمر الذي بدا جليا في تصريحات المتحدثة باسمه كاثرين اشتون -رئيسة الدبلوماسية الأوروبية- التي أعربت، أمس، عن اعتقادها أن تسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يتم عبر العودة إلى طاولة التفاوض. فرغم أن ماجاكو سيجانسيك أكدت أن الاتحاد الأوروبي قد أحيط علما بإرادة الفلسطينيين الانضمام إلى الأممالمتحدة فإنها بالمقابل اعتبرت أن الاتحاد يؤمن ''بحل بناء يحظى بأكبر دعم ممكن ويسمح باستئناف المفاوضات يبقى السبيل الأفضل والوحيد لتطبيق حل الدولتين الذي يريده الفلسطينيون''. وجاءت تصريحات المسؤولة الأوروبية غداة خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي فصل نهائيا في مسألة التوجه إلى الأممالمتحدة وأكد أنه لن يتراجع عن هذه الخطوة بعد استنفاد جميع محاولات استئناف المفاوضات. وهي مفاوضات أكدت التجارب السابقة عدم جدواها بسبب صخرة الصد الإسرائيلية التي تريد التوصل إلى سلام على مقاسها بما يخدم مصالحها ولا يخوض في القضايا الجوهرية المتعلقة بإقامة الدولة الفلسطينية وفي مقدمتها حق عودة اللاجئين والقدس والاستيطان وغيرها. وليس ذلك فحسب، فقد أشارت المسؤولة الأوروبية إلى أن الاتحاد الأوروبي سيضاعف جهوده بالتنسيق مع شركائه في اللجنة الدولية الرباعية حول الشرق الأوسط من أجل تفعيل المفاوضات بين الأطراف في أسرع وقت ممكن، وقالت أن ''هذا يبقى السبيل الوحيد لوضع نهاية للنزاع''. وتؤكد تصريحات المتحدثة باسم اشتون أن الاتحاد الأوروبي سيضم صوته إلى صوت الولاياتالمتحدة وإسرائيل الرافضيتين للمسعى الفلسطيني في افتكاك اعتراف دولي بدولته المستقلة عبر الأممالمتحدة. ولكن ذلك لم يثبط من عزيمة الفلسطينيين المصرين في المضي قدما في تنفيذ مسعاهم رغم التهديدات الأمريكية برفع ورقة الفيتو وقطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية من جهة، والوعيد الإسرائيلي مما زعم أنها عواقب وخيمة وخطيرة ستنجم عن طلب الانضمام. وفي هذا السياق، أكد نبيل شعت عضو الوفد الفلسطيني في الأممالمتحدة أن فشل اللجنة الدولية الرباعية في التوصل إلى صيغة حول استئناف مفاوضات السلام، شجع الفلسطينيين في التوجه إلى المنظمة الأممية. ويجتمع أعضاء اللجنة الرباعية التي تضم كل من الأممالمتحدة، الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة وروسيا، اليوم، بنيويورك لبحث سبل إقناع الجانب الفلسطيني بالعدول عن مسعاه في اجتماع الفرصة الأخيرة الذي من المقرر أن ينتهي بإصدار بيان يدعو إلى استئناف مفاوضات السلام. لكن شعت قال ''لا أعتقد أن هناك فرصة للجنة الرباعية لتغيير موقفنا'' في إشارة واضحة إلى أن ما ستقره اللجنة الرباعية التي يصح عليها المثل القائل ''سكت دهرا ونطق كفرا'' لا يدفع بالطرف الفلسطيني إلى تغيير موقفه وهو الذي قاد معركة دبلوماسية كبيرة من أجل كسب أكبر تأييد ممكن لمطلبه في إقامة دولته. من جهة أخرى، وتحسبا لأية تحركات شعبية فلسطينية لتأييد التوجه إلى الأممالمتحدة، شرعت قوات الاحتلال الإسرائيلية، أمس، في عزل مدينة القدسالمحتلة وإغلاق المعابر والحواجز العسكرية على مداخلها الرئيسية بكتل إسمنتية ضخمة تحسبا لتحركات شعبية فلسطينية. وبدأت قوات الاحتلال بإجراءات مشددة للغاية على مختلف معابر المدينة ووضعت حواجز إسمنتية كبيرة لمنع الفلسطينيين من دخول المدينة المقدسة.