بزخمها الثقافي المعتاد، صدرت مجلة دبي الثقافية بعددها السابع والسبعين، راصدة ذاكرة الفضاء، ومخيلة الكلمة، وأثر الآلام الإنسانية في المكان والزمان، خاصة في تلك المسافة الكائنة بين الشفق والغسق، واندثار الروح بالضوء كي لا يصيبها النسيان، والنسيان نوع من الموت، لا يتجاوزه إلا الإنسان المتواضع حين يكون مناسباً في منصبه، ومتناسباً مع مجاله ومهامه، فلا يعاني من ''عقدة أصحاب الشأن'' على حد تعبير الشاعر والقاص ورئيس التحرير سيف محمد المري في كلمته الافتتاحية المتواصلة في قرع ''الأجراس''. ومن ناحية ثانية، يذكّرنا مدير التحرير، الكاتب نواف يونس، بقصة من قصص كليلة ودمنة: ''الأسد والنمر والأرنب''، مسقطاً الرموز والواقع على القضية الفلسطينية، متسائلاً: ''ما الذي تبقى للفلسطينيين؟!''. نقرأ في بانوراما: منطقة نايف القادمة من القرن الثامن عشر، أجرجينتو الإيطالية ببصماتها العربية الرومانية، وقرية الشلال الهادر ''جزين''، وفي باب في الصميم، يطل علينا شاعر الطفولة والعروبة والطبيعة سليمان العيسى، ليروي لنا عن خفايا شعريته وحياته وأحلامه، ويحضر ناجي العلي بمهمته الصعبة التي انتهت بلحظة غادرة، كما تطفو أسرار همنغواي على مياه الاكتشاف، وتبدو الشيفرة السرية لملحمة جلجامش، وتحتفل بثورة 25 يناير العديد من الفعاليات الفنية والثقافية، ويحضر علي الجندي في سكينته الصاخبة، كما يحضر خيري شلبي، ولا يخرج حسام ميرو من غيبوبته، وهناك، في ''دراما الحياة''، يبرز مهرجان الفجيرة للمونودراما كعلامة فارقة في المسرح العالمي، ويجسد فيلم ''معركة لوس أنجلوس'' محاولة مكشوفة لتبرئة الجندي الأمريكي، وتعترف واحة الراهب ببصمتها الأنثوية الواضحة، ويناقش ملف الدراما العربية وربيع الثورات، كما يتحدث صالح الزعل عن الدراما العمانية، بينما مازالت الدراما السورية بطلة المسافات الطويلة والقامات المتميزة، ولم تتوانَ الدراما المصرية عن كشف المسكوت عنه! وبالمقابل، تعتبر الدرما الإماراتية في أوج تألقها، وبلا شك، لا بد من أجنحة للخيال بين الشعر والقصة، ولا بد من سطور مضيئة يمثلها في هذا العدد: الشاعر الفرنسي جان غروجا، أمين الريحاني، ورواية عنقاء المديح بين أفلاطون وفوكو، والجدران كدفتر للعابرين. أما الأفعى فهي القصيدة المجهولة لأمل دنقل والتي تكشف عن صراع فني بين الرمز والحياة ومتحولاتها، مكثفة أبعادها في الخاتمة: ''دعينا وعودي أنت سرٌ من اللظى، وسر اللظى في الجمر ما بعده سر''. وتجتمع الأوان والظلال من خلال محمد مكاوي، إنجي أفلاطون، وصبيح كلش، وفي إيقاع الروح تنعزف أسطورة خالد، كما تعلو موسيقا الهيب هوب. وقبل الختام، تعيدنا الكاميرا إلى تراثها، وينعطف الشعر إلى دبي والتعايش السلمي، وذلك برعاية الشيخ الشاعر محمد بن راشد، كما نتوقف عن تكريم الشيخ سلطان بن محمد القاسمي من قبل الهيئة العالمية للمسرح، وتستوقفنا أصيلة الثقافية في عشرة أيام. هذا عدا المقالات الأخرى، وآراء كتاب دبي الثقافية، ودنيا الكتب، ونادي الأقلام الذي يحتفي بمواهب جديدة. ويضيف هذا العدد إلى المكتبة كتاباً شعرياً جديراً بالقراءة للشاعر والإعلامي الإماراتي جمال بن حويرب، الذي اختار عنوان ''الفاتنة''، ليضفي على الكلمة والمكان والحياة بهاء السحر المتواصل، وذلك من خلال العديد من القصائد وموضوعاتها المتنوعة-وكالة أنباء الشعر العربي