ينتظر أن يستقبل بعد غد الثلاثاء بمقر وزارة الخارجية الروسية وفد عن المعارضة السورية لبحث الموقف في هذا البلد في ظل آخر التطورات التي عرفها وخاصة بعد تمكن مختلف أطياف المعارضة السورية من توحيد صفوفها ضمن ما أصبح يعرف بالمجلس الوطني السوري. وقال ميخائيل بودغانوف نائب وزير الخارجية الروسي إننا مستعدون لاستقبالهم في مقر الوزارة في حال تمكنوا من الوصول إلى موسكو يوم الحادي عشر من هذا الشهر. يذكر أن استقبال السلطات الروسية لوفد المعارضة السورية جاء بعد انتقادات لاذعة وجهتها هذه الأخيرة للسلطات الروسية في رد فعل سلبي على قرار موسكو رفع ورقة حق النقض في وجه مشروع لائحة أممية يدين السلطات السورية بسبب طريقة ردها على المظاهرات الشعبية المتواصلة منذ منتصف شهر مارس الأخير. وتكون موسكو قد تفهمت طبيعة موقف المعارضة السورية مما جعلها تقرر استقبال وفد عنها وخاصة بعد أن تمكنت من توحيد صفوفها ضمن ما أصبح يعرف بالمجلس الوطني السوري الذي تمكنت فعالياته الأسبوع الماضي بمدينة اسطنبول التركية من توحيد كلمتها. وذكرت مصادر روسية أن وفد المعارضة السورية الذي يحل بالعاصمة موسكو سيكون مشكلا من ست شخصيات تمثل مختلف التيارات المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد وسيلتقي بعدد من المسؤولين الروس في محاولة لتوضيح الموقف وهي ايضا فرصة لموسكو لمعرفة نوايا هذه المعارضة التي تسعى إلى الإطاحة بنظام يعد اكبر حليف لروسيا في كل منطقة الشرق الأوسط. ويستشف من خلال التحرك الروسي باتجاه المعارضة السورية أن موسكو فضلت اللعب بمنطق الخطوات الحذرة فهي من جهة لم تشأ التضحية بنظام الرئيس الأسد الذي يبقى اكبر حليف لها في المنطقة العربية وهي أيضا لا تريد أن تخسر معارضة اشتد عودها منذ أن وحدت صفوفها ولا يستبعد أن تقلب موازين المعادلة السياسية في دمشق. كما أن موسكو أصبحت تنظر بعين الريبة إلى طبيعة التجاوب الذي أبدته مختلف العواصمالغربية مع معارضة فتية في موقف لم يرق للسلطات الروسية التي بدأت تخشى أن تخسر بلدا مهما في منطقة استراتيجية في حال واصلت تعاملها مع تطورات أوضاع مجهولة نهايتها. وهو ما جعلها تأخذ بخياري المراهنة على المعارضة والسلطة في آن واحد ومحاولة تسيير موقفها وفق المعطيات التي تفزرها الساحة الداخلية السورية من تطورات. وهو ما جعل نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بودغانوف يؤكد أمس أن بلاده مستعدة للاستماع لمقاربات المعارضة وتقديم وجهات نظرنا وتحليلنا بصفة مباشرة ودون وسطاء. يذكر أنها المرة الثانية التي تستقبل فيها موسكو وفدا عن المعارضة السورية بعد ذلك الذي استقبلته خلال شهر سبتمبر بقيادة رئيس منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان السورية المحامي عمار عرابي دون التوصل إلى نتيجة ملموسة بخصوص تفاهم الجانبين. ويستقبل وفد المعارضة السورية بعد غد الثلاثاء تزامنا مع تصريحات غير مسبوقة للرئيس ديمتري مديدفيدف الذي طالب الرئيس السوري بوقف فوري لكل عمليات قمع المظاهرات الشعبية والشروع بشكل عملي في إصلاحات سياسية حقيقية وإلا مغادرة السلطة. وهي المرة الأولى التي تستعمل فيها السلطات السورية عبارة الرحيل في تعاطيها مع تداعيات الأزمة الأمنية والسياسية في وسوريا ثلاثة ايام فقط بعد رفع موسكو لورقة حق النقض في وجه مشروع لائحة لإدانة السلطات السورية على الطريقة التي تتعامل بها مع المظاهرات الشعبية المتواصلة وبشكل يومي وفي كل مدن البلاد منذ مارس الماضي. ولكن السلطات الروسية أكدت أنها لن تقبل أبدا بأي تدخل أجنبي في سوريا رغبة من موسكو لعدم تكرار سيناريو التدخل الأطلسي في ليبيا والإطاحة بنظام العقيد ا لليبي معمر القذافي الذي كان يعد أيضا اكبر حليف لروسيا في كل القارة الإفريقية.