أبرزت المجلة الشهرية ''أفريك آزي'' في ملف خاص بالجزائر إرادة السلطات الجزائرية في استكمال الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي باشرتها، ورفضها لكل تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية للدول. وأشارت المجلة في الملف الذي نشرته في عدد شهر نوفمبر بعنوان ''الجزائر بعيدا عن الصور النمطية''، إلى أن ''الجزائر واجهت لوحدها العبء الثقيل لانزلاق إرهابي باسم إسلام منحرف، أفضى إلى المأساة وكاد يأتي على الصرح المؤسساتي''، مؤكدة في نفس الخصوص أن التحفظات التي أبداها الجزائريون تجاه ما اتفق على تسميته ''بالربيع العربي'' تجد تفسيرها في هذا الماضي الأليم الذي لم يمض زمن بعيد على التئام جراحه. كما تفسر هذه التحفظات، حسب المجلة ب''روح الوطنية السيادية ورفض كل تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية للدول''. واعتبرت أنه ''مهما كانت الصورة التي تمت بلورتها حول الانتفاضة الليبية، فإن تدخل منظمة حلف الشمال الأطلسي (الناتو) المجندة حول فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة أثار مخاوف حول احتمال نشر بعثات عسكرية استعمارية جديدة بالمنطقة''، مشيرة في سياق متصل إلى أن ''محاولات الاستغلال السياسي للربيع العربي، مثلما حدث في كل من تونس ومصر، تدعو الى التحلي باليقظة بخصوص نوايا القوى الاستعمارية السابقة التي تميزت بدعمها المطلق للأنظمة المخلوعة باسم الاستقرار الإقليمي، ومصالحها هناك'' كما اعتبرت المجلة ''أننا هنا أمام مشروع يتجاوز بكثير إقرار الديمقراطية، وإنما سياسة تموقع جديدة ناتجة عن تقسيم العالم العربي''. من جانب آخر، أشارت ''أفريك آزي'' إلى أن المسعى الجزائري ''يعاكس النظريات الزائفة حول ''فوضى التغيير'' و''التراجع المثمر'' والتي دعا إليها بعض الساسة الجزائريين الذين لا يهمهم سوى قلب النظام''، مذكرة بأن نداءات هؤلاء المتكررة للخروج إلى الشارع باءت بالفشل''، حيث تمكنت الشرطة حسب المجلة من احتواء الداعين للخروج دون تسجيل ضحايا، ورفض السكان اللجوء إلى العنف، واعتبرت أن عشرية الإرهاب السوداء التي عاشها الشعب الجزائري جعلته أكثر حذرا من أي وقت مضى. وذكرت النشرية في نفس السياق أن ''رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وضع جميع المنشقين أمام مسؤولياتهم مصرحا أنه لا يحق لأي أحد إعادة نشر الخوف وسط العائلات التي تهتم بأمن أطفالها أو ممتلكاتها وبعث انشغال أمة برمتها حول مستقبل الجزائر ووحدتها واستقلالها الوطني''، معتبرة أن ''بؤر الفتنة الرئيسية قضت عليها قوات الأمن، بينما انشغالات شبيبة ما بعد مرحلة ''الإسلاموية'' باتت تربطها علاقة بعيدة أو منعدمة بالشعار الديماغوجي للجيل السابق الذي جعل من ''الإسلام حلا'' لجميع المشاكل التي يعاني منها المجتمع الجزائري''. وأضاف صاحب المقال ''بكثير من البراغماتية توجه المجتمع الجزائري صوب المستقبل العاجل، (تمدرس وتشغيل وسكن ونقل)، باعتماد منهج علماني يميز بين ما هو مادي وروحاني، أو بين الدولة والدين''. وأشار إلى أنه أمام الحركات الاحتجاجية المتعددة التي شهدها البلد، والتي تبرز مدى حيوية المجتمع، فضلت السلطات اعتماد الحوار المفتوح مع جميع قطاعات المجتمع دون استثناء، ''حيث تم إخماد الاحتجاجات دون عناء وتمت الاستجابة للمطالب الاجتماعية في حدود الإمكانيات المتوفرة''. كما أوضحت المجلة أن ''السلطة كانت سخية بالقدر الواسع دون المساس بالتوازنات الأساسية للاقتصاد الذي خرج لتوه من امتحان صعب ولا عرقلة إنجاز المشاريع الكبرى''، وتمكنت حسبها، ''وفي جو يطبعه الهدوء، من تسطير خارطة طريقه دون تسرع ولا مزايدات''، معتبرة أن ''الإصلاحات المباشرة لم تصدر من العدم بل تستند إلى دعامة متينة وتعتبر ثمرة مكاسب سياسية ومؤسساتية للسنوات الخمس الأخيرة''. وفي الأخير ذكرت ''أفريك آزي'' أنه ''كان بود البعض ممن استغلوا الأجواء المترتبة عن الانتفاضات العربية التعدي على المكاسب السياسية والمؤسساتية المحصلة لخمسين سنة خلت لكنهم لم ينجحوا في الضغط على السلطات التي تصدت بصرامة، رافضة كل ارتجال وفرضت وتيرتها الخاصة''.