تزداد مهمة جامعة الدول العربية في احتواء الأزمة المستعصية في سوريا تعقيدا في ظل تضارب المواقف بين السلطة والمعارضة في هذا البلد والتي بلغت حد النقيض وسط استمرار أعمال العنف التي تخلف يوميا سقوط المزيد من الضحايا بين قتلى وجرحى. وبينما تحاول الجامعة العربية جاهدة التوصل إلى أرضية توافقية بين الفرقاء السوريين تضع حدا لحمام الدم يصر كل طرف على تمرير منطقه على الآخر بما يرهن حظوظ نجاح المبادرة العربية لحل الأزمة السورية. وفي هذا السياق، شرع المجلس الوطني السوري الذي يضم غالبية تيارات المعارضة المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد في حملة لدى الدول العربية لمطالبتها باتخاذ إجراءات صارمة ضد السلطات السورية بقناعة أنها لم تمتثل لمطالب الجامعة العربية بتهدئة الأوضاع ووقف كل مظاهر العنف ضد المتظاهرين. وأكد المجلس، في بيان أصدره أمس، أنه ''قام بعمل سياسي في كل الاتجاهات من أجل إقناع دول الجامعة العربية بتبني موقف صارم وفعال ضد النظام السوري بسبب التطورات الخطيرة التي تشهدها سوريا وخاصة في مدينة حمص''. ومن المنتظر أن يرسل المجلس الوطني السوري مبعوثين عنه إلى كل من الجزائر والسودان وعمان وقطر وهي الدول المشكلة للجنة الوزارية المكلفة ببحث الازمة السورية كما سعى أيضا إلى إجراء اتصالات مع المملكة العربية السعودية. وأضاف البيان أن وفدا آخر سيتوجه إلى مقر الجامعة العربية لعقد اجتماعات وزارية يومي الجمعة والسبت المقبلين حول سوريا من أجل نقل مطالب الشعب السوري والتي من ضمنها تجميد عضوية سوريا في المنتظم العربي وفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على نظامها. ورفعت المعارضة السورية من سقف مطالبها بعدما طالبت أيضا بمتابعة نظام الأسد قضائيا عبر محكمة الجنايات الدولية لارتكابه خروقات في مجال حقوق الإنسان وصفتها ب ''جرائم إبادة''. ودعت إلى دعم جهود الأممالمتحدة لضمان حماية المدنيين وخاصة بمدينة حمص التي تعيش على وقع حصار عسكري مشدد منذ الأيام القليلة الماضية. وتأتي خطوة المعارضة السورية في الوقت الذي أكدت فيه الجامعة العربية أن دمشق أبلغتها بتورط واشنطن في الأحداث التي تعرفها البلاد منذ منتصف شهر مارس الماضي. وذكرت جامعة الدول العربية أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم طلب من الأمين العام نبيل العربي إخطار الدول الأعضاء واللجنة الوزارية المعنية بالأزمة السورية ب'' تورط الولاياتالمتحدةالأمريكية في الأحداث التي تشهدها سوريا''. وتستمر أعمال العنف في سوريا بحصد مزيد من الضحايا، حيث لقي أمس عشرة أشخاص مصرعهم من بينهم ثمانية جنود ومدنيين اثنين. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ثمانية جنود وحارسا لقوا مصرعهم في كمين نفذه مسلحون يحتمل أن يكونوا جنودا منشقين جنوب مدينة معرة النعمان بمنطقة ادلب بشمال غرب البلاد. وأضاف المرصد أن مدنيا قتل في مدينة حمص وسط البلاد إثر عمليات اقتحام الجيش لأحد أحياء المدينة التي تعيش على وقع حصار عسكري منذ الأيام القليلة الماضية. وتزامن ذلك مع إعلان المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن حصيلة أعمال العنف التي تعصف بسوريا خلفت سقوط أكثر من 3500 قتيل. وقالت رفينا شمدزاني المتحدثة باسم المفوضية أن ''أكثر من 60 شخصا قتلوا برصاص قوات الأمن والجيش منذ قبول النظام السوري لمخطط التسوية العربية من بينهم 19 لقوا مصرعهم مع أول أيام عيد الأضحى''. وأعابت المسؤولة الأممية على النظام السوري الذي أعلن إطلاق سراح 553 معتقلا فقط السبت الأخير بمناسبة عيد الأضحى، بينما يتم اعتقال عشرات الأشخاص يوميا.