شرع رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة أمس في جولة تشمل عددا من العواصم العربية في مسعى لكسب المزيد من الدعم لحكومته والبحث عن سبل احتواء الأزمة اللبنانية التي طال أمدها·وشكلت العاصمة المصرية القاهرة أولى محطات جولة السنيورة، حيث استقبل من قبل الرئيس المصري حسني مبارك· وقال السنيورة أن زيارته الحالية لمصر ولعدد من الدول العربية تأتي لمناقشة تطورات الأوضاع في بلاده وبحث الطلب الذي تقدمت به بلاده لعقد اجتماع لجامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب لبحث موضوع تحسين العلاقات اللبنانية السورية· ويكون تحرك رئيس الوزراء اللبناني باتجاه القاهرة نابعا أساسا من وقوف السلطات المصرية إلى جانب حكومة السنيورة في نزاعها مع المعارضة بقيادة حزب الله الشيعي· وتأكد ذلك عندما أقدمت القاهرة على تقليص حجم مشاركتها في القمة العربية العشرين التي احتضنتها العاصمة السورية دمشق يومي 29 و30 مارس الماضي وكانت مصر والعربية السعودية اتهمت سوريا بالعمل على إعاقة تنظيم الانتخابات الرئاسية اللبنانية في مسعى لتكريس الأزمة القائمة ودعت دمشق إلى لعب دور ايجابي لإنهاء حالة الانسداد القائمة بين أطراف المعادلة السياسية اللبنانية· ولكن دمشق رفضت تلك الاتهامات واعتبرت إقدام بعض الدول العربية على تقليص حجم مشاركتها في القمة العربية مسعى لافشالها· والواضح أن حالة الانسداد الحاصلة في الساحة السياسية اللبنانية جعلت من حكومة السنيورة ترى في القاهرة الطرف الذي بإمكانه لعب دور فعال في تسوية الازمة بعد فشل الجامعة العربية حتى في التخفيف من حدة الخلافات التي ما انفكت تشتد بين الأغلبية الحاكمة المناهضة لسوريا والمعارضة الموالية لها· وكان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى قام بزيارات مكوكية الى بيروتودمشق في مسعى لرأب الصدع بين الفرقاء اللبنانيين وتمرير المبادرة العربية لحل الازمة اللبنانية لكنه فشل في مهمته وعاد خاوي الوفاض· وجدد فؤاد السنيورة دعم حكومته للمبادرة العربية ودعا الى ضرورة تطبيقها في أسرع وقت ممكن محذرا من أن استمرار الازمة اللبنانية من شأنه ان يدخل المنطقة العربية ككل في مخاطر غير محسوبة العواقب· وجاءت زيارة السنيورة الى القاهرة في الوقت الذي يرى فيه محللون أن الازمة اللبنانية قد تصل الى منعرج خطير خاصة بعد قرار العماد ميشال سليمان بالانسحاب من على رأس الجيش الصيف القادم في حال استمرار الانسداد· وهو ما يرهن ترشحه ليكون رئيسا لهذا البلد الذي يعيش على وقع حالة فراغ رئاسي غير مسبوقة منذ قرابة خمسة أشهر·وإذا ما قرر قائد الجيش اللبناني الانسحاب فعلا فإن ذلك سيزيد من تعقيد الازمة اللبنانية التي تشابكت خيوطها وسيدفع بالمعارضة والحكومة إلى البحث عن مرشح آخر يخلف الجنرال سليمان· وتكمن أهمية الجنرال ميشال سليمان بأنه المرشح الوحيد الذي حظي بموافقة الأغلبية الحاكمة والمعارضة ولكنهما لم يجدا أرضية توافقية حول انتخابه والتي عصفت بكل مسعى في طريق انتخابه وإنهاء حالة الفراغ الرئاسي· ولكن السنيورة الذي يدرك جيدا أهمية الجنرال ميشال سليمان، قال أن قرار هذا الأخير للتوجه نحو التقاعد هو بمثابة "صرخة" أطلقها، معبرا عن تضايقه للطريقة التي يعامل بها لبنان وبهدف التوصل الى اتفاق بشأن المبادرة العربية· وأكد أنه حتى وإن قرر التقاعد فهذا لن يمنعه من بقائه المرشح الوحيد الذي حظي بالتوافق·