يحاول العرض المسرحي ''جلالة المتخم الثاني'' للمخرج بشير بسودة عن الجمعية الثقافية للفنون الدرامية لولاية أدرار، نقل الواقع العربي الراهن بأسلوب ساخر، لكنّه يتعثّر بسبب هشاشة الحوار الذي يفترض أن يبنى على فكرة واضحة وضعف المؤثّرات الفنية المستخدمة، وهو ما جعل شكل المسرحية غير ناضج، واكتفت الجمعية بتقديم مسرحية موضوعها يحتاج حقا إلى جرأة أكثر. لعلّ المخرج الشاب بشير بسودة تأثّر بما سمي ب''الربيع العربي''، إلاّ أنّ إسقاطه على الركح لم يوفّق بسبب التمازج الفني السينوغرافي والمؤثّرات الصوتية والضوء الذي كان ضعيفا، لكن مؤلّف المسرحية عبد الكريم ينينة تمكّن من تغطية هذا العجز التقني بفضل النص الذي اعتمد على الكثير من الجمل المضحكة والحركات الهزلية وكذا الغناء، حيث كان الجمهور التلمساني أوّل أمس حاضرا بقوّة مع ''جلالة المتخم الثاني'' بدار الثقافة بمغنية، ووجد لنفسه متنفّسا من خلال فتح موضوع عميق وشائك مرتبط ببطش الحاكم وألم الرعية في الأوطان العربية... فعلى مدار خمسين دقيقة، تعالج المسرحية (التي تجسّدها أربع شخصيات) وسط ديكور متواضع يتمثّل في مجلس عرش الحاكم، قضية الفساد السائد في البلدان العربية، وذلك في أسلوب كوميدي ساخر بهموم الشعب العربي، تدور حول سلطان أكلته التخمة فنسي إمارته حتى تكالب عليها الأجانب، وهو مشغول ومنغمس بالتحقيق مع شاعر بسيط متهم بتحويل قافلة ''الكوكا كولا والمايونيز'' نحو إحدى القرى النائية، بعد أن عانت سنوات من الجوع بسبب الفساد الحاصل في البلاط الملكي وتهاون الحاكم في خدمة شعبه، وتصويره على أنه بعيد عما يجري خلف أسوار قلعته. وقد أدى هذه الأدوار كل من بريكة حمد في دور الملك، بامون جيلالي في دور الوزير، عبد الواحد عبد الغني الذي جسد دور رئيس لجنة التحقيق، إلى جانب بسودة عبد الكريم في دور الشاعر. واستعان النص الذي جاء باللغة العربية الفصحى تارة وبالدارجة تارة أخرى، بالكثير من الأمثلة وأشعار الشاعر العراقي الكبير أحمد مطر. وحملت المسرحية في مضمونها نقدا ساخرا لما يقع للشعوب العربية، وذلك بهدف إبراز مدى وعي الشعوب العربية، من خلال إبراز الضغوطات التي يواجهها المواطن العربي عموما في حياته اليومية والتي تخلق له في أغلب الأحيان أزمات تعرقل استمرار حياته بشكل طبيعي. وأوضح بسودة عبد الكريم مخرج المسرحية، أنّ التأثّر بالثورات العربية التي اشتعلت نيرانها تدريجيا في كلّ من تونس، ليبيا، سوريا واليمن، ساهم في ميلاد فكرة المسرحية. وتابع يقول للصحافة على هامش العرض، أنّ المسرحية صوّرت في قالب كوميدي كاريكاتوري، وسعى للمشاركة بها في الطبعة الرابعة من الأيام الوطنية لمسرح الجنوب في إطار ''تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية''، ليكشف عن موعد الطبعة الرابعة للأيام الوطنية لمسرح ''النخلة الذهبية'' التي ستحتضنها مدينة أدرار بدءا من 15 ديسمبر المقبل. يذكر أنّ أيام مسرح الجنوب تختتم يوم 27 نوفمبر الجاري، التي نظمت استثناء بتلمسان عوض الجزائر العاصمة بمناسبة التظاهرة الإسلامية بمشاركة 10 ولايات من الجنوب الكبير، ترمي إلى بعث الطاقات الشابة المبدعة، وكذا التعريف بمسرح الجنوب-. مبعوثة ''المساء'' إلى تلمسان: دليلة مالك