نفى وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي أمس، بجنيف، نفيا قاطعا وجود مراكز احتجاز سرية في الجزائر، وأكد أن قانون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين جاء من أجل حمايتهم وليس بغرض التضييق عليهم، وجدد من جهة أخرى دعوة الجزائر إلى اعتماد مقاربة دولية شاملة لمكافحة ظاهرة الإرهاب· وحمل السيد مدلسي في تدخله أمام المشاركين في الدورة الأولى لآلية البحث الدوري للمراجعة العالمية لوضع حقوق الإنسان المنعقدة بجنيف السويسرية إجابات على العديد من الانشغالات المعبر عنها بخصوص وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، وفند الوزير الإدعاءات القائلة بوجود سجون سرية في الجزائر، وقال: "الجزائر تنفي نفيا قاطعا مثل هذه الأنباء فكل السجون في الجزائر تخضع لمراقبة دائمة من طرف الهيئات القضائية"· وأوضح أن الجزائر قطعت أشواطا كبيرة في مجال احترام حقوق الإنسان سواء من حيث التشريعات التي تم اعتمادها، أو من حيث الممارسة في الميدان وأوضح أنه تم تحقيق تقدم كبير في مجال الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية وفي المطالب المتعلقة بالهوية بكل أبعادها· وقال أن الجزائر تتطلع إلى تعزيز استقرارها بعد الفترة العصيبة التي عاشتها سنوات التسعينيات وذلك من خلال تكريس دولة الحق والقانون ومواصلة الإصلاحات الشاملة المؤسساتية منها والتنظيمية والقانونية والهيكلية وذلك عبر تعزيز الحريات والقواعد الديمقراطية· وفي رده على التساؤلات المتعلقة بحرية المعتقد في الجزائر على ضوء قانون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين الصادر في فيفري 2006، أكد السيد مدلسي أن هذا التشريع جاء بغرض ضمان الحماية لغير المسلمين وليس العكس، وأكد أن القانون لا يتحدث عن الحق في الممارسة ولكن في كيفية ضمان هذا الحق ما دام أن ممارسة الشعائر الدينية مكفولة في الدستور للمسلمين ولغير المسلمين، وأضاف"أن الجزائر بلد متسامح ومتفتح على الديانات، والقانون لم يكن سوى امتدادا لتلك القوانين الخاصة بالمسلمين ونحن نريد أن تكون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين مصانة في الجزائر"· وبخصوص الشق المتعلق بمحاربة الإرهاب، تحدث الوزير عن سياسة المصالحة الوطنية التي بادر بها الرئيس بوتفليقة، وأشار إلى أنها ساهمت في استكمال مسار معالجة الأزمة الأمنية في الجزائر وضمدت الجراح وسمحت ببعث برامج تنموية ضخمة خصصت لها أكثر من 155 مليار دولار، وأكد أن مسعى المصالحة مهد لمرحلة جديدة كونه مكن من الأخذ بعين الاعتبار كل ضحايا الأزمة مما مكن "من عزل المتطرفين"· وأشار السيد مدلسي من جهة أخرى إلى أن ظاهرة الإرهاب لم تعد مقتصرة على الجزائر ولكن هي ظاهرة عالمية تستوجب محاربتها تضافر جهود الجميع وجدد دعوة الجزائر إلى وضع مقاربة دولية شاملة ينخرط فيها الجميع في إطار جهود الأممالمتحدة لاحتواء تنامي الظاهرة، وقال" يجب أن تكون هناك نظرة دولية، كون جميع بلدان العالم تقع عليها مسؤولية محاربة الإرهاب الذي لم يعد له حدود"، وأضاف في هذا السياق أن الحل الأمني يبقى نسبيا إذا لم تتبعه معالجة لبعض القضايا العالمية وذكر بضرورة حل النزاعات العالمية وبخاصة النزاع في الشرق الأوسط· ودافع وزير الشؤون الخارجية من جهة أخرى عن مواقف الجزائر بخصوص الزيارات التي تقوم بها بعض المنظمات غير الحكومية إلى الجزائر وقال: "تلقينا طلبات من محققين أممين ومنظمات للقيام بزيارات تمت الترخيص للبعض منها وبعض الطلبات الأخرى لازالت قيد الدراسة"· وحول نشاط الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني نفى الوزير أن تكون الحكومة فرضت قيودا عليها، وأشار إلى أن نشاط أي جمعية أو حزب سياسي لا يمكن إلغاؤه إلاّ بقرار قضائي· أما فيما يتعلق بحرية الإعلام والصحافة فقد أوضح السيد مدلسي أمام أعضاء لجنة حقوق الإنسان الأممية المجتمعين في هذه الدورة للإستماع إلى تقرير 16 دولة من بينها الجزائر أن ممارسة هذا الحق مكفول بقوة القانون وأنه منذ سنة 2007 لم يتم سجن أي صحفي· وعن الحقوق الاجتماعية، أبرز وزير الشؤون الخارجية مجهودات الدولة في مجال محاربة البطالة والتكفل بشريحة الشباب من جميع النواحي·وتعهد السيد مدلسي في ختام تدخله بالأخذ بعين الاعتبار بكل التوصيات التي تصدرها اللجنة في ختام أشغالها المقررة غدا الأربعاء·