قال الرئيس السوري، بشار الأسد، أمس، بأن الأحداث التي تشهدها بلاده والضغوط الدولية الممارسة عليها تهدف إلى ''تقسيمها وإلحاق ضربة بموقفها الجيو سياسي ودورها التاريخي في المنطقة''. وجدد الأسد خلال استقباله الموفد الصيني تشاي جون التأكيد على أن بلاده ماضية في مسيرة الإصلاح السياسي وفق خطة واضحة وجداول زمنية محددة، في إشارة إلى الاستفتاء المرتقب على الدستور الجديد. ويأتي تصريح الرئيس الأسد في ظل تحركات دبلوماسية تشهدها العاصمة السورية في مسعى لإيجاد مخرج للأزمة المستفحلة في هذا البلد والتي بلغت طريقا مسدودا في ظل استمرار المواقف المتنافرة بين الأطراف ذات الصلة بهذه المعضلة على المستويين الداخلي والخارجي. ودخلت الصين هذه المرة على خط المساعي لاحتواء الوضع السوري بعد أن دعا مبعوثها ونائب وزير خارجيتها تشاي جون، أمس، بالعاصمة دمشق كل الأطراف من سلطة ومعارضة ومحتجين إلى ''وقف فوري'' لكل أشكال العنف التي تسببت في مقتل أكثر من 6 آلاف شخص منذ 11 شهرا من عمر هذه الازمة. وقال إن ''توفر ظروف الاستقرار هي وحدها التي تمكن سوريا من إتمام إصلاحاتها السياسية''، داعيا جميع الأطراف للجلوس إلى طاولة الحوار للتوصل إلى ''خطة سياسية شاملة وآلياته المعنية''، كما أعرب الموفد الصيني عن أمله في أن يتم تنظيم استفتاء تعديل الدستور المقرر في 26 فيفري الجاري وإجراء الانتخابات التشريعية المقررة بعد ثلاثة أشهر من دون أية عراقيل. ويبدو أن بكين التي سارعت إلى إرسال موفدها إلى دمشق أرادت توضيح موقفها بعد قرار الفيتو الذي رفعته ضد مشروع القرار العربي الغربي الأخير الذي يدين أعمال العنف في سوريا ويدعم جهود الجامعة العربية في تنظيم مرحلة انتقالية لنقل السلطة سلميا في دمشق، وهو ما جعل نائب وزير الخارجية الصيني يذكر قبل لقائه الأسد أن بلاده لن تقبل أبدا بتدخل عسكري في سوريا أو تغيير النظام عن طريق استخدام القوة كما سبق وحدث في ليبيا. ولكن الموقف الصيني ومعه الروسي لم يجد نفعا خلال تصويت الجمعية العامة الأممية التي تبنت قرارا بالإجماع يدين العنف في سوريا، ورغم أنه يبقى غير ملزم إلا أنه لقي ترحيبا دوليا واسعا، حيث أشادت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بما وصفته ''بالتوافق الدولي الواسع'' حول إدانة العنف في سوريا. واعتبرت قرارا من هذا النوع ''يكشف التوافق الدولي الواسع لوقف الهجمات الدامية في هذا البلد''. وأكدت كلينتون أن بلادها ''تواصل جهودها للضغط على النظام السوري وعزله ودعم المعارضة ومساعدة الشعب السوري''. وجاءت زيارة الموفد الصيني غداة يوم احتجاجي عاشته مختلف المدن السورية ضمن ما اصطلح على تسميته ب''جمعة المقاومة الشعبية'' بخروج عشرات الآلاف من المتظاهرين للمطالبة بتنحية الرئيس الأسد. وأفادت لجان التنسيق المحلية السورية أن حصيلة القتلى برصاص الأمن في مظاهرات الجمعة ارتفعت إلى 56 قتيلا، معظمهم سقط في حمص وبينهم 12 جنديا مما يسمى بالجيش السوري الحر ''أعدموا في درعا''. وأمام استمرار أعمال العنف الدامية في سوريا حلقت عدد من الطائرات الأمريكية بدون طيار فوق الأجواء السورية في محاولة لجمع أدلة عن الهجمات التي يشنها الجيش السوري ضد المعارضة. ونقلت قناة ''أن. بي. سي. نيوز'' الأمريكية عن تقرير لمسؤولين في البنتاغون الأمريكي أن ''عددا معتبرا من الطائرات العسكرية والاستخباراتية الأمريكية تحلق فوق سوريا لرصد الهجمات التي يشنها الجيش السوري ضد قوات المعارضة''. وأكد التقرير أن ''عمليات المراقبة ليست تمهيدا لتدخل عسكري أمريكي وإنما هو جزء من مسعى الإدارة الأمريكية لاستخدام أدلة بصرية واعتراض الاتصالات بين الحكومة السورية والجيش لزيادة الدعم لرد دولي واسع''.