دخلت السيارات الملغمة بشكل لافت في المشهد الأمني السوري كمتغير سيكون ذا تأثير على صيرورة الأحداث الدامية في هذا البلد الممزق بحرب أهلية أعلنت عن نفسها وأصبحت حقيقة لا تخفى على أحد. وكان لانفجار سيارة ثالثة أمس أمام مقر المخابرات العسكرية السورية في مدينة حلب في شمال البلاد بعد انفجار سيارتين اول أمس بالعاصمة دمشق بمثابة نذير شؤم على ما يخفيه الغد بالنسبة للشعب السوري بالنظر إلى خطورة هذه التقنية وصعوبة اكتشاف هذه الوسيلة في ظل الفوضى العارمة التي تشهدها مختلف محافظات البلاد للعام الثاني على التوالي. وبغض النظر عن الجهات التي تقف وراء هذه العمليات في ظل الاتهامات المتبادلة بين السلطات السورية والمعارضة فإن الأكيد أنها ستشكل معضلة إضافية استعصى حلها إلى حد الآن بالطرق الدبلوماسية رغم دخول قوى كبرى على خط تحقيق المصالحة المرجوة في معادلة متنافرة أرقامها حد العداء التام. ويمكن القول أن هذا الانزلاق الأمني في المحنة السورية سيبعد كل فرص للحل ويجهض المساعي الدولية لنجدة السكان بمساعدات إنسانية في وقت تستعد فيه أولى فرق الأممالمتحدة في هذا المجال الوصول إلى سوريا لمعاينة حقيقة الوضع الإنساني وتحديد احتياجات السكان الذين حوصروا في نطاق مواجهة مفروضة. وتجمع مئات السوريين، أمس، في محيط مكان تفجيري العاصمة دمشق للتنديد بمنفذي العمليتين اللتين أودتا بحياة 27 شخصا متهمين الدوحة والرياض بالوقوف وراء هذه العمليات على خلفية مناداتهما بتسليح الجيش السوري الحر بدعوى حماية السوريين من قمع قوات الأمن النظامية وحملوهما مسؤولية الدم السوري المراق قبل أن تشيع جثامين الضحايا انطلاقا من احد مساجد العاصمة السورية. وهي الاتهامات التي حملتها مختلف الصحف السورية الصادرة أمس التي ثارت على الأخبار التي راجت حول إرسال العربية السعودية لشحنات أسلحة ومعدات عسكرية الى سوريا عبر الأراضي الأردنية بهدف تعزيز قوة الجيش السوري الحر تحت مبرر ''تمكين عناصره من صد هجمات وحدات الجيش النظامي السوري''. وهي كلها عوامل جاءت لتزيد في تعقيد مهمة المبعوث الأممي والعربي كوفي عنان الذي يعتزم إرسال بعثة أممية اليوم إلى دمشق قصد التباحث مع السلطات السورية حول السبل الكفيلة بوضع آلية عملية لمهمة الملاحظين وتصور المراحل المستقبلية قصد التوصل إلى أرضية توافقية تمهد لوقف إطلاق النار وكل مظاهر العنف في البلاد. وهي الرغبة التي عبر عنها وزير الخارجية الروسي سيرغى لافروف الذي حث مجددا على وقف إطلاق النار وإجراء محادثات سياسية وقال إن ''روسيا ستدعم أي اتفاق يقوم على نتائج حوار سياسي عام بين الحكومة السورية وكافة جماعات المعارضة''-.