تلقت الحكومة الموريتانية، أمس، طلبات متتالية من عواصم غربية وجهات دولية لتسليمها عبد الله السنوسي المدير السابق للمخابرات الليبية بما يؤكد ثقله ولكن أيضا لما يحوزه من معلومات حساسة وفي غاية من السرية إلى درجة انه وصف ب''العلبة السوداء'' لنظام العقيد الليبي معمر القذافي. وإلى غاية أمس تلقت نواقشوط ثلاثة طلبات رسمية بتسليمها عبد الله السنوسي، كان أولها من طرف العدالة الفرنسية التي سبق وحكمت عليه غيابيا بتهمة تورطه في عملية تفجير طائرة ''اوتا ''772 عام 1989 في النيجر وأودت بحياة 54 فرنسيا بينما وصلها الطلب الثاني من محكمة الجنايات الدولية بلاهاي التي سبق أن أصدرت مذكرة توقيف دولية في حقه شهر جوان الماضي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالنظام الليبي السابق. كما طالبت الشرطة الدولية ''الانتربول'' رسميا بتسليمها عبد الله السنوسي بناء على طلب رسمي من الحكومة الليبية. ولكن مصدرا موريتانيا على صلة بالموضوع أكد أن السلطات الليبية وإلى غاية أمس لم ترسل أي طلب في هذا الشأن وأضاف أن المسؤولين الموريتانيين في انتظار زيارة وفد من المجلس الوطني الانتقالي الليبي قريبا إلى نواقشوط. وكانت الحكومة الليبية أعلنت، أول أمس، مباشرة بعد تأكدها من خبر اعتقال السنوسي بمطار العاصمة نواقشوط حيث كان قادما عبر رحلة عادية من مدينة الدارالبيضاء المغربية بجواز سفر مالي مزور أنها ستطالب بتسليمها إياه. وأكدت أنها قادرة على ضمان محاكمة متوازنة للرجل الذي يوصف بأنه العلبة السوداء لأسرار نظام العقيد معمر القذافي وهو ما يفسر الاهتمام الغربي به. والمؤكد أن الخيار سيبقى للحكومة الموريتانية في تسليم السنوسي للجهة التي تريد أو حتى الاحتفاظ به خاصة وأن مصادر موريتانية رفضت الكشف عن هويتها أكدت أن نواقشوط ستبث في مسألة تسليم رئيس المخابرات الليبية السابق بعد الانتهاء من التحقيق معه. وكانت قوات الأمن الموريتانية اقتادت السنوسي إلى مقر أمن الدولة، حيث فتحت تحقيقا معه خاصة وأنه دخل الأراضي الموريتانية بجواز سفر مزور. ثم أن ليبيا لا يربطها أي اتفاق ثنائي مع موريتانيا يجعل هذه الأخيرة غير ملزمة بتسليم السنوسي لطرابلس ولكن يمكن لنواقشوط أن تتحرك على أساس اتفاقية التعاون القضائي التي تربط الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية والموقعة بالعاصمة الرياض عام 1981 وصادقت عليها نواقشوط عام 1983 . وهو نفس الموقف بالنسبة لمحكمة الجنايات الدولية على اعتبار أن موريتانيا ليست طرفا موقعا على ميثاق هذه المحكمة وهو ما يجعلها غير ملزمة أمام القانون الدولي بتسليم مدير جهاز المخابرات الليبية إلى محكمة لاهاي كما طالبت بذلك الحكومة البريطانية من اجل ''معاقبته على جرائمه ضد الشعب الليبي''. واعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن ''اعتقال السنوسي ومحاكمته ستسمح بطي صفحة قاتمة من تاريخ النظام الليبي السابق وستسمح أيضا للسلطات الليبية الجديدة بمواصلة بناء الدولة الحديثة على أسس ديمقراطية''.