لم تستطع العديد من بلديات العاصمة تنظيم النشاط التجاري بترابها، وذلك راجع إلى عدة عوامل إدارية واجتماعية، ولم تظهر لحد الآن أي بلدية ولو بقلب العاصمة بنشاط تجاري مضبوط مائة بالمائة، فتجارة الرصيف التي لا تغادر الأماكن العمومية صارت "قدرا محتوما" وعوّدت المجتمع بطريقة مباشرة على التبضع في أي مكان وشراء أي سلعة· وقد قررت ولاية الجزائر منذ سنوات تنظيم الممارسات التجارية، من خلال إنشاء أسواق جوارية وتقريبها من المواطن، الذي ظل يتسوق من الأرصفة التي صارت محلات مفتوحة لعرض مختلف السلع، وما تشكله من مخاطر، لاسيما ما تعلق بالمواد الاستهلاكية سريعة التلف، والزائر اليوم لبلديات براقي الحراش، باب الزوار، برج الكيفان بل وبقلب العاصمة في بلديات سيدي امحمد، الجزائر الوسطى، القصبة، يجد أن هذه "الظاهرة" لم تختف رغم محاولات الإبعاد والطرد والحجز التي تقوم بها مصالح الأمن المكلفة بذلك، وصارت الحملات المناسباتية لتطهير شوارع وأزقة "الجزائرالبيضاء"، أشبه بمهدئ لا يلبث أن يعود بعده الألم، مما يحتم - حسب بعض العارفين - على السلطات المعنية التفكير في حل جذري يأخذ في الحسبان خصوصيات الأمكنة وحرمة الطرق والمسالك، وحتى المؤسسات الحساسة التي تقام قبالتها أسواق فوضوية يومية· ولعل الحلول التي قامت بها بعض بلديات العاصمة للتخفيف من حدة الظاهرة، أتت بنتائج ملموسة، كونها استهدفت الباعة القدامى الذين يقطنون بتراب البلدية، حيث منحتهم طاولات أو محلات، لكن "خلفاء" آخرين حلوا محلهم بالأمكنة لعلهم يظفرون بذلك، مما يحتم على الجهات الوصية مواصلة العمل والفكير في رفع عدد الأسواق الجوارية، وذلك باستغلال المساحات والجيوب العقارية في إنجاز مثل هذه الهياكل الخدماتية· والملاحظ أن الأسواق الجوارية التي كلفت الدولة الملايير، أصبحت مهجورة في بعض البلديات، على غرار براقي، باب الزوار، القصبة، كون تجار الرصيف حرموهم من ذلك وافتكوا منهم الزبائن قبل أن يلجوا أبواب الأسواق، مما حدا بالتجار الرسميين الى رفع سلعهم الى الأرصفة حتى لا يتكبدوا خسائر ليس لهم فيها ذنب· وحتى تتطهر شوارع العاصمة من مظاهر التجارة غير الشرعية، يتعين على رؤساء البلديات السهر على التنسيق مع مصالح الأمن للتخفيف من الظاهرة، مع العمل على إيجاد فضاءات مناسبة لتعويد الناس على ارتياد الأسواق لا الأرصفة·