بدأ مشروع تقنين الحظائر الفوضوية، طبقا لتعليمة وزارة الداخلية والجماعات المحلية مؤخراً، يرى النور، بإنشاء ثلاث حظائر نموذجية بكل من الحميز (بلدية الدارالبيضاء)، سعيد حمدين (بئر مراد رايس) وبمحاذاة مسمكة العاصمة (بلدية القصبة)، في انتظار تعميم العملية لتشمل مواقع أخرى ببلديات العاصمة، حيث من المنتظر إعداد دفتر شروط يحدد هويات الشباب الذين سيمارسون نشاط حراسة الحظائر بهذه الفضاءات، ويسمح لهم بالعمل في إطار قانوني، من خلال تجهيز هؤلاء الحراس بشارات وصدريات تقنع السائقين بدفع حقوق الركن، ووضع حد للتجاوزات التي طالما اشتكى منها أصحاب السيارات، أدت إلى توقيف عشرات الحراس منهم وتقديمهم إلى العدالة ويتضمن القرار رقم 267 المؤرخ في 25 جانفي 2006، إنشاء لجنة خاصة مكلفة بمتابعة وتقييم الإجراءات المتعلقة بتأطير نشاط حراسة الحظائر، وتضم هذه اللجنة حسب إطار بالمصلحة الولائية للأمن العمومي، ممثلين عن سلك الأمن، النقل، الأشغال العمومية ومؤسسة تسيير المرور والنقل الحضري لولاية الجزائر، وقد تم تنصيب لجنة فرعية على مستوى العاصمة، وحسب المصدر، فإن كل دائرة إدارية قامت لحد الآن بتهيئة ثلاثة مواقع نموذجية لاحتضان حظائر قانونية للسيارات، وهي الفضاءات التي انتهت البلديات المعنية من تسويتها وتخصيصها للغرض المذكور، وجاء اختيار حي البرتقال بمنطقة الحميز، كون المكان يشهد توافداً كبيراً للتجار والمواطنين المتبضعين من سوق الجملة، بينما تمثل حظيرة مسمكة الجزائر قلب العاصمة، كونها تمثل مقصد العديد من المواطنين، أما سعيد حمدين ببئر مراد رايس، فكون المكان سيستقطب مستقبلا عدداً هائلا من الوافدين القاصدين لعدة هياكل عمومية، علماً أن اللجنة الفرعية قامت بتاريخ 12 أوت 2006 بمعاينة سبعة مواقف مدرجة من طرف البلديات، في انتظار الشروع في استغلالها بعد استكمال الإجراءات الإدارية التي تربط أصحاب الطلبات بالبلديات وإعداد دفتر الشروط· وسترتكز اللجنة في منح رخص لحراسة السيارات، على الأشخاص ذوي الأخلاق الحسنة والكفاءات اللازمة لممارسة النشاط، حسبما كشفه لنا المسؤول ذاته·· مشيراً إلى أن مصالح الأمن ستتولى القيام بتحقيق تأهيلي حول أصحاب الطلبات، والتأكد إن كانت لهم سوابق عدلية· وأوضح محدثنا بأن تقنين هذه الحظائر سيحدد إتاوات الركن· ولم يخف مصدرنا، أن ذلك سيسهل لهم مهمتهم، خصوصا عندما يكون الحارس مسجلا ويحمل رقما وبالتالي تكون هويته معروفة في حالة التقدم بشكاوى ضده، كما أنه لن يكون بإمكان هؤلاء الحراس مستقبلا التعدي على المساحات التي لم ترخص البلدية باستغلالها· لكن وأمام تأخر تقنين الحظائر يبقى التوقف العشوائي للسيارات يطبع شوارع العاصمة ويعيق حركة المرور، كما أن نقص أماكن منظمة لركن السيارات وغياب الرقابة الصارمة، كانا وراء تفشي مهنة حراسة الحظائر العشوائية التي يمارسها شباب تتراوح أعمارهم في الغالب بين 18 و 25 سنة، حيث احتلوا المساحات الكبرى وحتى الممرات والأزقة الصغيرة الضيقة، وحولوها إلى أماكن لركن السيارات، مرغمين السائقين الذين يتوقفون مرات عديدة سواء لمدة ساعة أو نصف ساعة، بل ولو لدقيقة واحدة، على دفع مقابل مالي في كل مرة نظير الحراسة الإجبارية لمركباتهم·· إذ بمجرد محاولة السائق ركن مركبته بأي شارع بالعاصمة، يقترب منه شباب يحملون عصيّاً أو قضباناً حديدية، فيوجهونه في ركن السيارة، كي يفهم أنه سيدفع حقوق ذلك، حيث أنهم أضحوا يهددون بها "زبائنهم"، وقد سبق وأن سجلت اعتداءات عديدة في هذا الشأن، وفي غالب الأحيان يخسر السائق فيها الزجاج الأمامي أو الخلفي لسيارته، مثلما حدث ببلدية بلوزداد عندما توقف سائق في أحد الممرات لبضع دقائق من أجل قضاء حاجياته والشراء من محل مجاور، ليتفاجأ السائق عند عودته بشاب يطلب منه دفع حقوق الركن، وهو ما رفضه السائق، الشيء الذي تسبب في نشوب شجار عنيف، ولم يجد الشاب الحارس سبيلا آخرا للانتقام من صاحب السيارة" سوى كسر زجاج السيارة·
التقنين لتدارك العجز والقضاء على الظاهرة
ونظراً لعدم الاهتمام بهذا الأمر منذ سنوات، فإن الظاهرة تجذرت وباتت الجماعات وكل الجهات المعنية عاجزة عن القضاء عليها نهائيا، حيث قررت الدولة تقنين هذه المهنة غير الشرعية، وذلك من خلال إصدار تعليمة وزارية تحدد شروط تأطير نشاط حراسة حظائر السيارات· وتحدد هذه التعليمة الفضاءات التي يمكن استغلالها كأماكن قانونية لركن السيارات والأشخاص الذين يمكن منحهم رخص لإنشاء تعاونيات والتنازل عن هذه الفضاءات لفائدتهم· وقد جاءت عملية تقنين الحظائر العشوائية لسد النقص المسجل في أماكن ركن المركبات، وكانت العديد من البلديات عند صدور التعليمة قد تقدمت باقتراحات خاصة بتحديد المواقع المناسبة لاستقبال حظائر منظمة للسيارات، فبالقبة مثلا، أوضح السيد محمد نابي رئيس البلدية، أن مصالحه أحصت ست حظائر عشوائية ومن المنتظر حسبه الاحتفاظ بنفس المواقع وربما إضافة نقاط أخرى لإعادة تنظيمها وتقنينها·· فيما أحصت بلدية سيدي امحمد 22 موقفا للسيارات على مستوى إقليمها ينشط فيها حوالي 30 شابا، بالإضافة إلى 12 حظيرة في المجمعات السكنية يتناوب عليها مجموعة من الحراس بمعدل ست أشخاص بكل حظيرة، لكن - حسب المصدر نفسه - لم يتقدم هؤلاء الشباب النشطون بهذه الحظائر إلى مصالح بلديته لإيداع الملفات وطلبات الاعتماد، بهدف تحديد هويتهم وتوظيفهم بصفة رسمية، ربما لأنهم ليسوا حتى على علم بإصدار هذه التعليمة، يتساءل السيد نابي· وفي انتظار استكمال الإجراءات اللازمة لتقنين هذه الفضاءات، لا يزال حراس الحظائر العشوائية ينتظرون تطبيق تعليمة وزارة الداخلية والجماعات المحلية وتجهيزهم ببدلات وصدريات مرقمة، من أجل ممارسة نشاطهم في إطار قانوني، وفي هذا الشأن يذكر لنا "فارس" الذي يشرف على حراسة حظيرة عشوائية ببلدية القبة، أن تقنين نشاطه سيخضع الشباب الذين يتقاسمون مهنته لدفع الضرائب، كما أن ذلك سيقنع حسبه السائقين بدفع حقوق الركن، وقد عبر لنا العديد من هؤلاء الشباب الحراس النشطين الذين التقيناهم بمختلف شوارع وأزقة العاصمة، عن استيائهم من تأخر الجهات المعنية في تطبيق التعليمة الوزارية لتحديد إطار قانوني لنشاطهم ونصب لافتات تحدد مواقع التوقف، وكذا تزويدهم بوثائق تثبت شرعية نشاطهم مثل الشارات والبطاقات الخاصة بتنظيم هذا النشاط، حيث يقولون أنهم يواجهون صعوبات كبيرة في عملهم اليومي، بسبب عدم تفهم بعض السائقين الذين يرفضون دفع إتاوات التوقف مقابل خدمة الحراسة التي يضمنونها·
توقيف 115 حارساً غير شرعي منذ 2006
ومن جهتها تعتبر المصلحة الولائية للأمن العمومي لولاية الجزائر، أن احتلال الرصيف أو الطريق بدون ترخيص لممارسة نشاط حراسة الحظائر في غياب إطار تنظيم، "يعد انتهاكا لأملاك الدولة" حسب التشريع الجزائري، خصوصا وأن مستغلي هذه الفضاءات لا يدفعون أي ضريبة، لكن - حسب مصدر المصلحة الولائية للأمن العمومي للعاصمة - تبقى محاربة هذه الظاهرة مهمة صعبة·· موضحاً أن مهمة الشرطي تتعقد عندما لا يتقدم المواطن السائق بشكاوى حين يقع ضحية هؤلاء الشباب الحراس· مشيراً إلى أنه في غياب نصوص قانونية ومادة صريحة تشير إلى هذا النشاط، فإن وضع حد لهذه الظاهرة، يتطلب إلقاء القبض على المستغل غير الشرعي للطرقات وهو في حالة تلبس، كأن يكون يحمل عصا مثلا أو يطلب من السائق دفع "إتاوات" التوقف، أو عندما تتقدم الضحية بشكوى، على حد تأكيد محدثنا، لكن هذا لم يمنع رجال الأمن من مباشرة مهامهم لوضع حد لهذه الظاهرة، فرغم صعوبة المهمة إلا أن مصالح الأمن تمكنت في سنة 2006 من تقديم 81 مستغلا غير شرعي للطرقات بغرض ممارسة نشاط حراسة السيارات أمام العدالة، في حين أوقفت 34 حارسا غير شرعي في الفترة الممتدة بين جانفي وسبتمبر 2007 · للإشارة، تستقطب الجزائر العاصمة أكثر من 30 بالمائة من حظيرة السيارات في الجزائر، المقدرة بأكثر من 3 ملايين مركبة، في وقت تبقى فيه شبكة الطرقات محدودة رغم الفروع والمسالك والأنفاق الجديدة التي تم إنجازها في السنوات الأخيرة، كما أن العاصمة تشهد عجزا كبيرا في مجال ركن السيارات، حيث أنها لا تضم سوى 7 حظائر شرعية بطاقة استيعاب إجمالية تقدر ب 5660 مكانا، 4396 مكانا منها مخصصة للمواطنين، تضاف إليها 8 مآرب ومستودعات خاصة بقدرة استيعاب تصل إلى 453 مكانا، و ذلك في انتظار إنجاز 6 حظائر كبرى لركن السيارات تتسع ل 5000 مكان بست بلديات تشكل وسط العاصمة، تشهد اكتظاظاً كبيراً ومشاكل جمة في ركن السيارات، حيث نشير إلى أنه تم مؤخرا فتح الأظرفة المتعلقة بالدراسات الخاصة ب 4 حظائر بكل من حيدرة، المدنية، سيدي امحمد والحراش، ورصد لها غلاف مالي يقدر ب 100 مليون دينار، كما أنه من المتوقع بعد أقل من شهرين، تحديد مكاتب الدراسات المتنافسة على مشروعي حظيرتي الأبيار والقبة، وتتوقع مديرية النقل لولاية الجزائر إنجاز 10 حظائر بالعاصمة توفر قرابة ال 30 ألف مكان في آفاق السنوات العشر المقبلة· * مصطفى· ب