تعد الأخطاء الطبية واحدة من القضايا التي تطرح اليوم العديد من المشاكل، في ظل غياب جمعية أو منظمة تتكفل بالدفاع عن هذه الفئة، التي تقف عاجزة عن التصرف حيال ما قد أصابها من أذى، في ظل غياب قانون يحميها، ويكفل لها حقوقها، وما محي الدين أبوبكر، ممثل عن ضحايا الأخطاء الطبية، إلا واحدا من هؤلاء الضحايا، حيث قال ل''المساء''؛ لسنا ضد الأطباء الذين يرتكبون مثل هذه الأخطاء، لأن الوقوع في الخطأ وارد.. وإنما نطالب كضحايا، أن يتم التكفل بنا وصياغة قانون يحمينا، حتى لا نعاني مرتين''. بدأت معاناة محي الدين، عندما قصد يوما مؤسسة استشفائية للقيام بعملية بسيطة لنزع الماء، ولأن المسألة تتطلب القيام ببعض الفحوصات المتمثلة في أخذ عينة من الرئة لتحليلها، اِلتقط محي الدين جرثوما انتقل إليه عن طريق عملية التحليل التي أشرفت عليها طبيبة متربصة، ومن هنا، تحول محي الدين إلى ضحية خطأ طبي، بعد أن أُخضع للعملية مرتين، ونتج عن ذلك الخطأ تعفن في الجرح استغرق منه سنوات عديدة من العلاج، ولا يزال إلى غاية اليوم يعاني من آلام الجرح، وتشوّه يذكره في كل مرة بما حدث له، حيث قال؛ ''كنت أسمع عن الأخطاء الطبية وأجهل معناها، غير أن تعرضي للخطأ واحتكاكي بمن هم مثلي، جعلني أتبنى القضية التي أصبحت بالنسبة لي مسألة مبدأ، خاصة بعد أن اكتشفت أن كل الذين وقعوا ضحايا لأخطاء طبية، عانوا معاناة كبيرة ولم يتمكنوا من انتزاع حقوقهم، بحكم أن العدالة لم تنصفهم، لغياب نص قانوني واضح يحميهم، وبعد أن كانوا أشخاصا أصحاء، تحولوا إلى أفراد معاقين يبحثون عمن يمد لهم يد العون، من أجل معرفة حقوقهم والمطالبة بها''. وأضاف قائلا؛ ''الخطأ الطبي الذي تعرضت له، حوّلني إلى شخص فضولي، أبحث في النصوص القانونية وبين الحركات الجمعوية عن أي نص أو جمعية أو منظمة محلية تتبنى الدفاع عن هذه الشريحة، غير أنني لم أجد ما يشير إلينا، ولو بإشارة بسيطة، ما جعلني أتحول من ضحية خطأ طبي إلى ممثل عن هذه الفئة من المجتمع، حيث بدأت أبحث عمّن يهمه الأمر من شخصيات مختلفة من المجتمع، على غرار الأطباء والمحامين وأولياء الضحايا والضحايا، حتى ننظم أنفسنا ونؤسس كيانا يدافع عنا، فكانت الإستجابة كبيرة، لاسيما بعد أن أوصلني البحث الذي قمت به بالعديد من ولايات الوطن، للوقوف على حالات مستعصية لأخطاء طبية، وصفها الضحايا بالجرائم الطبية، مس عدد كبير منها الأطفال خاصة في عمليات الختان. ... إنشاء هيئة لضحايا الأخطاء الطبية كل ما نتمناه من منطلق أن الوقوع في الخطأ وارد، جاء على لسان ممثل ضحايا الأخطاء الطبية أنهم كضحايا، لا يكرهون الأطباء، على اعتبار أن من أحدث الخطأ هو طبيب، ومن تكفل بإصلاح الخطأ أو التكفل بالحالة الصحية للضحية، هو أيضا طبيب، غير أن ما يتمنونه كضحايا أن يكون هناك كيان قانوني قائم بذاته، يتولى متابعة حالتهم خاصة بعد انتشار مثل هذه الأخطاء في المؤسسات الاستشفائية، ما يطرح التساؤل: هل السبب يرجع لغياب الرقابة أو لضعف تكوين بعض الأطباء من المتربصين؟ ويستطرد المتحدث؛ لسنا مخولين كضحايا لمحاكمة المتسببين في ارتكاب مثل هذه الأخطاء، غير أننا نطالب، بحكم أننا ضحايا، أن نؤسس هيئة تدافع عنا وتلفت نظر الجهات المعنية لما يحدث في بعض القطاعات الاستشفائية، وتأخذ الإجراءات المناسبة للحد من الظاهرة أو لمعاقبة المتسببين في ارتكاب مثل هذه الأخطاء، من أجل هذا، قمت إلى جانب مجموعة ممن تعرضوا لخطأ طبي، ناهيك عن بعض الأطباء والمحاميين الذين أبوا إلا أن يدعمونا بتقديم طلب للوزارة الداخلية التي أبدت الموافقة على إنشاء أول منظمة لضحايا الأخطاء الطبية، التي نعول عليها لمساعدة هذه الفئة من المجتمع. حماية الضحايا هو أكثر ما نتطلع إليه -يقول ممثل ضحايا الأخطاء الطبية- من خلال إنشاء هذه المنظمة، ناهيك عن تسطير مجموعة من الأهداف الأخرى التي نعمل اليوم على تحقيقها، ومن بينها؛ تعريف الضحايا بما لديهم من حقوق، وصياغة قانون خاص بهم ليتسنى لهم المطالبة بحقوقهم، إلى جانب العمل على إحصاء عدد الضحايا في محاولة لتسوية وضعيتهم ومعرفة أنواع الأخطاء الطبية التي تحدث في بلادنا.