اختتمت مؤخرا بمركز التسلية العلمية، فعاليات المعرض التشكيلي الذي وقعته الفنانة المغتربة وهيبة العلمي مراحي التي حاولت من خلاله، سرد تجربتها الفنية وبعضا من مشوار حياتها، منتهجة في ذلك شفافية البراءة وخطاب المرأة المباشر الذي يصل أحيانا إلى حدّ الثرثرة. أعطت الفنانة لمعرضها - 30 لوحة تقريبا- عنوان ''الصحيفة المجنونة''، وقد اختارت في أغلب أعمالها، أسلوب ''اللصق'' الذي مزجته في بعض الأحيان بأساليب فنية أخرى، وعلى رأسها الأسلوب التجريدي. من بين اللوحات المعروضة، لوحة ''زمن الأحلام العربية''، وهنا تقول الفنانة ل''المساء''؛ ''لم أقصد بهذه اللوحة مباركة الربيع العربي، لكنني سجّلت فقط الموجة الجديدة التي عاشها الشارع، فأنا شخصيا لا أحب الثورات، لأنها غالبا ما تسبب ضحايا، لذلك، لم أقصد تسجيل الثورات بقدر ما سجلت حركة الشارع''. لوحة ''الصحفيون هنا''، هي تكريم للأسرة الإعلامية الجزائرية، وعلى رأسها الراحل الطاهر جاوت، في هذه اللوحة، نجد قصاصات جرائد وطنية قديمة هي كل ما تحصلت عليه الفنانة، إضافة إلى رسومات أخرى على اللوحة، منها يد تسمك ريشة، تكتب، ومدادها من ذهب، كتقدير لرسالة الصحفي. لوحة ''الصحيفة المجنونة'' تقول عنها الفنانة أنها تشبه بعضا من حياتها المجنونة والجميلة، وتحمل 3 أبعاد من حيث الأشكال، الألوان والرموز، وللوحة ''تحرش'' أبعاد وألوان مختلفة، تكشف معاناة المرأة في الغربة. ''البعث'' هي لوحة أمل وانتصار للمرأة التي أسقطت أعداءها الشبيهين بخيوط منهارة، ليبقى الأصدقاء الأوفياء فقط، كما تتضمن اللوحة ذات أسلوب ''اللصق'' و''التجريدي'' صورا أخرى، قد تبدو متناقضة وغير متكاملة، لكنها تؤدي الغرض وتساهم في بناء موضوع اللوحة، منها مثلا حضور صورة الفنانة وهي طفلة، وحضور المصحف الشريف (نسخة عتيقة)، وجلوس طفلة لوحدها تتأمل، تفكر وتلاحظ كل ما حولها، وجاءت لوحة ''تحت الياسمين'' المنجزة بالمرادية، مفعمة بالحياة، بالعبق والجمال المجسد على أرض الجزائر. لوحة ''النقود الفنية'' بها يدان مذهبتان من قماش مشبك ذهبي، مزروعة على جوانبها نقود جزائرية وأجنبية، وهي تبرز أهمية المال في الحياة، لكن ليس على حساب القيم والفن. اختارت الفنانة وهيبة لوحة كبيرة، خلفيتها سوداء، لتكتب عليها نصا مؤثرا (بحروف من حبر أبيض) عنوان اللوحة ''تكريم لدراون فان''، ومما جاء فيها أن ''الفنان لا يغش، فهو الحياة إما أن يكون كلا أو أن لا يكون شيئا، إنه حامي المجتمع الذي يراه مجرد مجنون، إنه الضوء الذي قد نطفئه أحيانا''. لوحة ''آشيلام'' وهي عمارتها بفرنسا رمز المهاجرين والضواحي، تظهر كأنها نسيج فسيفسائي بداخله البشر. تصورالفنانة في لوحة ''شهادة الحياة''، الفنان الشهير ''شارلي شابلن''، لأنه يجسد روح الفنان عبر العالم. تقول الفنانة إنها تبدأ اللوحة، لكنها لا تخطط لها ولا تعرف مسبقا كيف تكملها، وغالبا ما تعمل ليلا، كما ترى أن أسلوب ''اللصق'' ليس متاحا وليس سهلا، كما يعتقد البعض، مارسه عمالقة الفن التشكيلي، ومنهم الراحل بيكاسو مثلا، كما تجتمع في هذا الفن فنون أخرى متعددة، وتجارب مختلفة، تحاول رغم اطلاعها على الفن الشرقي (العربي) أن تجسده أكثر في أعمالها المستقبلية. تواصل الفنانة تقديم لوحاتها ل''المساء''، منها ''كاتب ياسين'' الذي يتردد في أعمالها كثيرا وتربطه بمشاعر التسامح والانتقام، وكذا لوحة ''مارتيناز'' الذي التقته وترجمت نصوصه إلى لوحات. ''شجرة'' من الشرا?ة تصور المرأة بمفاتنها ومشاعرها المرهقة، ولوحة ''تكريم الفنانين الجزائريين''، وعلى رأسهم العنقى الذي التقته الفنانة و''أمي كم تحملت'' التي بيعت لمشتر من الولاياتالمتحدة، ولوحات أخرى كثيرة بيعت في المعرض. تقول وهيبة؛ ''أحيانا لا أستطيع قراءة لوحتي حتى أتأملها وأعطي لنفسي الوقت الكافي، حينذاك تتضح معالمها جيدا''. أنجزت الفنانة أيضا دمية عرض (بيعت هي أيضا) كتكريم للمرأة، وضعت عليها رسومات وقصاصات جرائد قديمة جدا، وقطع فستان، كأنها عالم مختصر للمرأة. تبقى وهيبة الفنانة مصرة على البحث والإبداع والتقرب أكثر من الأوساط الثقافية والفنية، تميل إلى آراء الجمهور كي تفتح معهم نقاشا ذا شجون.