أصبح يوم الجمعة من كل أسبوع في مصر يوما للتظاهر يستغله مئات آلاف المصريين من مختلف التوجهات والحساسيات السياسية للخروج إلى شوارع وساحات كبريات المدن للتعبير عن مطالبهم بشعارات تعبر عن حقيقة انشغالاتهم. وتظاهر آلاف المصريين، أمس، في ميدان التحرير في قلب مدينة القاهرة رافعين شعار ''جمعة إنقاذ الثورة'' في مسيرة دعا إليها 13 تنظيما وحركة إسلامية بما فيها جماعة الإخوان المسلمين على خلفية الاستعداد للانتخابات الرئاسية المنتظر تنظيمها يومي 23 و24 ماي القادم. وقال ملاحظون مصريون أن مسيرة أمس لم تجلب إليها عددا كبيرا من المتظاهرين مقارنة بالجمعة الأخير التي شهدت عدم مشاركة جماعة الإخوان المسلمين التي اكتفت إلى حد الآن بالمشاركة فقط في مسيرات بمدن أخرى من غير عاصمة البلاد. وتعددت شعارات المتظاهرين، أمس، من منصة خطابة إلى أخرى طالب بعضها بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وأخرى مطالبة بعزل رموز النظام السابق وسرعة تسليم المجلس العسكري للسلطة للمدنيين وعدم إعداد الدستور الجديد تحت حكم العسكر والمطالبة بتعديل المادة 28 من الإعلان الدستوري وإقالة اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية. وطغت على ميدان التحرير اللافتات والرايات السوداء رمز التيار السلفي احتجاجا على استبعاد مرشحهم حازم صلاح ابو إسماعيل من انتخابات الرئاسة القادمة. وقاطعت أحزاب وائتلافات وحركات ثورية أخرى مظاهرة، أمس، التي وصفوها بأنها ''مليونية تصفية الحسابات بين القوي الإسلامية والمجلس العسكري'' ودعوا بدلا عن ذلك إلى تحرك مواز في يوم عيد العمال للتنديد بنتائج الخوصصة والتأكيد على العدالة الاجتماعية وعلى قضايا العمال. وأعابت هذه القوى على الإسلاميين سعيهم إلى تحقيق مطالب خاصة بكل تيار وتجاهل أهداف الثورة محل التوافق وأهمها تشكيل الجمعية التأسيسية من خارج البرلمان دون سيطرة تيار سياسي عليها وضرورة قيام البرلمان بتعديل المادة 28 من الإعلان الدستوري وكشف حقائق الأحداث المتكررة فى الفترة الأخيرة. فيما ترى أطراف أخرى أن عدم المشاركة ناتج عن عدم الاتفاق على رزنامة عمل محددة وواضحة لهذه المظاهرة والمطالب التي ترفع وهذا ناجم عن وجود ضبابية بشأن تحقيق الأهداف الكبرى للثورة. وتعد هذه المظاهرة التي تأتي ثلاثة أيام قبل انطلاق الحملة الانتخابية لرئاسيات في مصر المقررة يوم 23 ماي القادم أولى عمليات التعبئة والتجنيد التي يقوم بها التيار الإسلامي تحسبا لخطة توافقية فيما بينه لدخول المنافسة الانتخابية المقبلة موحدا في ظل تنامي مؤشرات انخفاض شعبية هذا التيار في الشارع المصري نتيجة التوترات الاجتماعية والسياسية التي تشهدها البلاد منذ سيطرته على البرلمان بداية العام وعدم وجود أي آفاق للانفراج. ويتنافس ثلاثة مرشحين على الوعاء الانتخابي للتيار الإسلامي وهم محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين المؤثرة في المجتمع المصري والمعروفة بهيكلها التنظيمي الحازم وعبد المنعم أبو الفتوح المنشق عن الإخوان والمرشح سليم العوا المفكر الإسلامي والمحسوب على الإسلاميين في وقت أن قوى إسلامية مهمة مثل الجماعة الإسلامية وحزب النور السلفي لم يحسما بعد في خياراتها الانتخابية من بين المرشحين--.