خيبت نتائج الانتخابات التشريعية، التي جرت أول أمس، آمال قادة تكتل الجزائر الخضراء ومناضليه، الذين كانوا يتوقعون اكتساحا أكيدا لمقاعد المجلس الشعبي الوطني، ولم يتوانوا في تصريحاتهم بالتعبير عن قناعاتهم بأنهم سيصبحون القوة السياسية الأولى في البلاد، غير أن صناديق الاقتراع أرادت غير ذلك، بل وكانت قاسية على هذا التحالف الذي لم يتمكن حتى من حصد مجموع عدد المقاعد التي حصلت عليها حركة واحدة من بين الثلاث وهي حركة مجتمع السلم في تشريعيات .2007 فالتكتل الأخضر الذي راهن على اتحاد ثلاثة أحزاب سياسية ذات توجه إسلامي هي حركات مجتمع السلم، النهضة والإصلاح الوطني، مراعيا في حساباته التغيرات السياسية الحاصلة في دول الجوار مع صعود الأحزاب الإسلامية إلى سدة الحكم وتوقعه بحدوث نفس السيناريو بالجزائر، لم يتمكن من الظفر بأزيد من 48 مقعدا في البرلمان الجديد، وذلك رغم اكتساحه لأصوات الناخبين في بعض ولايات الوطن على غرار عاصمة البلاد التي انتزع فيها 15 مقعدا محتلا المرتبة الأولى، في حين كانت إحدى الحركات المتشكل منها هذا التكتل وهي حركة مجتمع السلم قد ظفرت لوحدها ب 52 مقعدا في الانتخابات التشريعية التي جرت في 17 ماي ,2007 فيما نالت حركة النهضة حينها 5 مقاعد وتحصلت الإصلاح الوطني على ثلاثة مقاعد، ما يعني أن نتائج الحركات الثلاث منفردة في 2007 كانت أفضل بكثير من النتائج التي حققتها مجتمعة في إطار التكتل في .2012 لكن، حتى وإن كانت الحقيقة التي أفرزتها صناديق الاقتراع مرة وصعبة التجرع بالنسبة لقادة التكتل، إلا أن قراءة موضوعية في التطورات التي عرفتها الساحة السياسية في الفترة الأخيرة، لا سيما مع صدور القانونين العضويين المتعلقين بالأحزاب السياسية وبالانتخابات، تجعل من النتيجة التي أسفرت عنها العملية الانتخابية نتيجة طبيعية وتحصيل حاصل للوضع السياسي الجديد، الذي مكن عدة وجوه سياسية كانت تحتل مراكز قيادية في الحركات الثلاث من إنشاء أحزابها الخاصة مع ما ترتب عن ذلك من استقطاب نسبة معتبرة من الوعاء الانتخابي للحركات الثلاث. وقد سبقت الإشارة من قبل العديد من المحللين في هذا الإطار إلى أن حركة مجتمع السلم التي راهنت على التكتل لدعم وعائها الانتخابي لن تتمكن من خلال تحالفها مع حركتي الإصلاح الوطني والنهضة من تعويض ما فقدته من انسحاب أنصار التغيير وانشقاقهم عنها، لا سيما في ظل انتظام هؤلاء المنشقين في حزب جديد أطلق عليه اسم حركة التغيير وعبر أصحابه عن طموحهم السياسي وإرادتهم في جعل الحركة التي تنطلق هي الأخرى من مبادئ مشابهة لمبادئ حركة مجتمع السلم بديلا لها والوجه الجديد والحقيقي في التيار الإسلامي بالجزائر. من جانب آخر؛ ومقابل الخيبة التي حملتها نتائج التشريعيات بالنسبة للتكتل والتي نزلت كالصاعقة على آذان قيادته، فقد جاء حصاد قائمة هذا التحالف بالعاصمة منصفة ومعبرة بشكل كبير عما كان منتظرا مقارنة بالحملة الانتخابية التي قادها متصدر هذه القائمة السيد عمار غول، والذي قد لا نبالغ إذا قلنا بأن الفضل يعود له حتى في رفع نسبة المشاركة في هذه الانتخابات بالعاصمة. لكن اكتساح قائمة التكتل بالعاصمة لأصوات الناخبين، يثير من جانب آخر تساؤلا جوهريا حول قدرة هذه القائمة أو متصدريها على استقطاب نسبة تفوق 30 بالمائة من العدد الإجمالي لكل المقاعد التي تحصل عليها التكتل عبر مختلف ولايات الوطن، مما قد يترك الانطباع بأن الأمر يتعلق حقيقة بالفرسان الذين راهن عليهم تكتل الجزائر الخضراء في هذه الانتخابات، مما يتطلب منه الآن إعطاء أولوية للتفكير بشكل جدي في اختيار الرجال الذين يدخل بهم التنافس السياسي على المراهنة على خيار التحالفات وترقب تأثير الظروف الإقليمية على الأوضاع في الجزائر.