ما يجري في الساحة السياسية من حراك يؤكد أن في الجزائر ممارسة ديمقراطية، قد تكون لم تكتمل بعد، لكنها موجودة، والدليل أن الممارسة الديمقراطية عن طريق الانتخابات التشريعية للعاشر ماي أفرزت أغلبية في البرلمان، وأقلية معارضة داخل نفس قبة البرلمان رفضت المشاركة في تشكيلة الحكومة المقبلة وما يمكن تسميته ب ''أقلية الأقلية'' التي رفضت المشاركة في البرلمان المقبل والمعارضة من الشارع. قد تكون مبادرة الأحزاب التي قررت تشكيل جبهة سياسية خارج البرلمان سابقة في الجزائر، ولا أحد يدرك عواقب هذا القرار، خاصة بإعلان 14 حزبا سياسيا تشكيل برلمان مواز للبرلمان الرسمي. هل فعلا كان لزاما على هذه الأحزاب اللجوء إلى مثل هذا الموقف قبل أن يعلن المجلس الدستوري عن نتائج دراسة الطعون التي تقدمت بها بعض الأحزاب المحتجة على نتائج التشريعيات التي حصد أغلب أصواتها حزب جبهة التحرير الوطني، ثم هل يمكن لبعض الأحزاب أن تتحدث عن التزوير وهي التي صرح زعماؤها أنهم لا يملكون أية أدلة قاطعة وبالتالي لا داعي للطعن لدى المجلس الدستوري؟ هذا التناقض يؤكد مرة أخرى أن ''المبادرة'' الأخيرة تدخل في إطار ''التخلاط'' السياسي، لأنه باستثناء حزب أو اثنين أو حتى ثلاثة التي يمكن أن نتفهم موقفها من نتائج التشريعيات، فإن معظم التشكيلات الموقعة على المبادرة ليست لها قاعدة نضالية سواء بحكم حداثة نشأتها أو لانعدام برنامج سياسي واضح لديها. إن الاعتقاد أن المواطن يندفع مسرعا نحو كل جديد، اعتقاد خاطئ، وبالتالي فإنه قبل إلقاء اللوم على المواطن أو مؤسسات الدولة، كان يجب على كل حزب فشل في هذا الاستحقاق أن يعيد تقييم وترتيب أوضاع بيته، ليتحدث من منطلق حجمه الحقيقي في الساحة، وحتى لا تكون هناك مبادرات قد تنجم عنها عواقب خطيرة ووخيمة.