يبدو للبعض أن الحديث عن السياحة والمكفوفين غريب، باعتبار ان السفر والتجوال يرتبط ارتباطا وثيقا بالبصر، لأن الإنسان يسافر ليرى أماكن جديدة وأناسا مختلفين، لكن المقتنعين بحق ذوي الاحتياجات الخاصة في العيش بطريقة عادية والاستمتاع بكل مباهج الحياة، يرفضون مثل هذا الطرح، ويعتبرون ان الإشكال هو في عدم توفير الوسائل اللازمة لتمكين هذه الفئة من ممارسة كل النشاطات العادية. من بين هؤلاء السيد عبد الرحمان امالو، الذي يهتم منذ سنوات بإنتاج كتب ومنشورات لفئة المكفوفين، سعيا منه لإخراجها من عزلة تسبب فيها غياب المطبوعات الخاصة بها والمكتوبة بتقنية البراي، التقيناه على هامش الصالون الدولي للسياحة والأسفار الذي نظم مؤخرا بالجزائر، فسألناه عن أهداف مشاركته في هذه التظاهرة، فعبر عن سعادته العارمة لمنحه هذه الفرصة من طرف وزارة السياحة للحضور ولأول مرة في هذا الصالون، وذلك لعرض المنشورات الخاصة بالمكفوفين وتحسيس وتوعية زواره بضرورة الاهتمام بهم، من باب انه من حقهم الاستمتاع بالحياة مثل غيرهم ممن منحوا نعمة البصر. وميزة مشاركة السيد امالو في الصالون، هي أولا تقديم منشورات خاصة بالسياحة مكتوبة بالبراي لأول مرة، وهي تتيح للمكفوف الاطلاع على أهم القدرات السياحية المتوفرة ببلادنا، لا سيما عبر كتاب ''مرحبا في بلادي الجزائر... رحلة القلب''. أما الميزة الثانية، فهي عرض أول خارطة للجزائر مخصصة للمكفوفين، يقول ''إنها المرة الأولى التي ننجز فيها خارطة كاملة للجزائر، ليس بطريقة التضاريس ولكن بتقنية البراي التي تعد أحسن وسيلة لتمكين المكفوف من معرفة مناطق بلده بدقة على الخارطة''. وفي الجناح المخصص لهذه الفئة، كان كريم - وهو مكفوف - حاضرا ليوضح لنا كيفية استخدام هذه الخارطة، وكيف يمكن عبرها لأي مكفوف ان يتجول عبر كل التراب الوطني. ويعترف كريم وهو يعمل كمصحح بديوان المطبوعات بتقنية البراي، أن المشكل في إنتاج مثل هذه المنشورات المتخصصة، هو غلاء ثمنها، لذا، فإن تمويل نشرها من طرف هيئات وجمعيات أمر لابد منه لمساعدة هذه الفئة للاستفادة من نور العلم. ويعتبر محدثنا السيد امالو مثلا يحتذي به، لأنه وظف إمكانياته من أجل إصدار العديد من الكتب - حوالي 15 كتابا متنوعا بين الشعر والقصة والموسيقى - وكذا الوسائط السمعية لصالح هذه الفئة التي تتضمن أشعارا وموسيقى ألفها السيد امالو، لكن تبقى مبادرته غير كافية، كما يقول كريم، الذي تمنى أن يهتم كتاب آخرون بهذه الفئة وينشروا إبداعاتهم بالبراي. بالمناسبة، تم عرض نسخة من القرآن الكريم المطبوعة بالبراي، حيث قسم المصحف الى ستة أجزاء كل واحد يحتوي على 10 أحزاب، وتم طبعه بالتعاون مع وزارة الشؤون الدينية. وعودة الى موضوع الصالون وهو ''السياحة''، وحتى لا يبقى الأمر مجرد عرض للتوعية والتحسيس، فإن الديوان الوطني للسياحة قام بإعداد جولات سياحية خاصة بالمكفوفين، وفي السياق استفادت مجموعة منهم من رحلة سياحية الى تيبازة بمناسبة تنظيم صالون السياحة والأسفار.