يعقد وزراء خارجية الدول العربية، اليوم بالقاهرة، اجتماعا طارئا لبحث آخر التطورات التي عرفتها سوريا في الأيام الأخيرة على خلفية المجزرة الرهيبة المرتكبة في مدينة الحولة وخلفت 108 قتيل وكانت كافية لإثارة سخط المجموعة الدولية. ويكتسي الاجتماع أهمية خاصة في سياق الأحداث التي تعرفها سوريا منذ أيام وأعيد معها طرح التدخل العسكري ضد النظام السوري كخيار لا مناص منه بعد أن بلغت الأحداث منعرجا لم يعد يحتمل وسط مؤشرات لفشل مساعي الموفد الدولي إلى سوريا كوفي عنان. وتكمن أهمية الاجتماع الذي دعت إليه الرئاسة الكويتية كونه يأتي وقد دخلت الأزمة السورية منعرجا خطيرا وأيضا لكونه سيعرف حضور كوفي عنان الذي سيقدم ملخصا عن نتائج زيارته الأخيرة إلى دمشق وما تمخضت عنه لقاءاته مع الرئيس بشار الأسد ومختلف أطياف المعارضة وأيضا تقارير رئيس الملاحظين الدوليين الجنرال روبيرت مود. وأكدت مصادر دبلوماسية أن لقاء وزراء الخارجية العرب سيعرف مناقشة ''عدة أفكار جديدة'' دون توضيح طبيعتها وما إذا كانت مقترحات عنان ضمنها وأيضا ما إذا كانت ستتضمن طرح فكرة القيام بعمل عسكري ضد سوريا من خلال تكرار التجربة الليبية. لكن التصريحات التي أدلى بها نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أمس، سارت إلى نقيض هذا الخيار الذي نادت به فرنسا التي سوقت لبديل تدخل عسكري ضد نظام الرئيس بشار الأسد لإرغامه على الرحيل بحجة أن الأمور لم تعد تطاق ويجب وضع حد لها بالقوة العسكرية. وهو ما استبعده نبيل العربي بقناعة أنه استشف ذلك من خلال الاتصالات التي أجراها مع سفراء الدول الغربية بما فيها سفير الولاياتالمتحدة، الذين أكدوا أن الدول القادرة على القيام بعمل عسكري ترفض مثل هذا الخيار الذي ترفضه روسيا والصين أيضا. وأكد الأمين العام للجامعة العربية بلغة المتيقن من توقعاته أن فكرة تسليح المعارضة المسلحة السورية لن تجدي نفعا بقناعة أنها لن تغير في معطيات الواقع الميداني شيئا لأنه لا يمكنها تغليب كفة ميزان القوة في وجه قوة النظام السوري. لكن وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا لم يغلق الباب أمام هذا الخيار وإن كان ألقى بمسؤولية ذلك على مجلس الأمن وقال إن كل تحرك في هذا الاتجاه لابد من العودة فيه إلى مجلس الأمن الدولي للبت فيه وبقناعة أن ما يحدث في سوريا لم يعد يطاق. وهو الموقف الذي سار فيه وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، الذي التقى، أمس بمدينة اسطنبول التركية، بالأمين العام الأممي بان كي مون وممثلي المعارضة السورية وقال إن سوريا أصبحت على حافة الحرب الأهلية وأن نظام الرئيس بشار الأسد مرغم على تنفيذ النقاط الست التي تضمنها مخطط كوفي عنان إن كان يريد فعلا تفادي الوقوع في متاهة الحرب الطائفية في بلاده. وهو الاحتمال الذي حذرت منه نافي بيلاي المفوضة العليا الأممية لحقوق الإنسان التي قالت إن ''نزاعا شاملا'' في سوريا قد يضع المنطقة في ''خطر كبير'' وجددت دعوتها باتجاه المجموعة الدولية من أجل دعم خطة المبعوث الدولي المشترك إلى سوريا كوفي عنان. ويبدو أن خطة هذا الأخير أصبحت منذ أمس على حافة الانهيار بعد أن منحت المعارضة السورية المسلحة مهلة للنظام السوري للتقيد بها ووقف عمليات القصف المدفعي، انتهت مساء أمس، وأكدت أنها لم تعد تلزمها في تطور قد يفتح باب المواجهات المسلحة بين عناصر الجيش السوري الحر والقوات النظامية على مصراعيه. ويبدو أن مجزرة الحولة ستكون بمثابة المنعرج في سيرورة التطورات التي سيعرفها الوضع العام في سوريا بعد أن اتخذتها المعارضة ورقة ضغط لوضع النظام السوري تحت ضغوط دولية متزايدة رغم أنه أكد وأعاد التأكيد أنه بريء منها. وعرفت أطياف المعارضة استغلال المذبحة التي شهدتها هذه المدينة إلى درجة استدعت اجتماعا طارئا لمجلس حقوق الإنسان الأممي في جنيف واعتبرها جريمة ضد الإنسانية تخضع من اقترفها تحت طائلة قانون محكمة الجنايات الدولية.