قال وزير التجارة، السيد مصطفى بن بادة، أن الجزائر قد بلغت أهدافها في مفاوضاتها مع الاتحاد الاوروبي لأجل التفكيك التعريفي المقرر في اتفاق الشراكة، رغم الصرامة التي أبداها هذا الشريك الذي عبر عن تخوفه من أن تحذو دول أخرى حذو الجزائر في مراجعة الاتفاق، مشيرا إلى أن ذلك يعد سابقة في علاقات الاتحاد مع بقية الشركاء. وعبر السيد بن بادة خلال كلمته في اليوم الاعلامي والتحسيسي حول المخطط الجديد لتفكيك التعريفة الجمركية مع الاتحاد الاوروبي، الذي احتضنه، أمس، فندق "شيراتون"، عن فخر الطرف الجزائري الذي حقق هذا الإنجاز، مؤكدا أن النتائج المتحصل عليها تبرز عزم الدولة على تحقيق اتفاق متزن بين الطرفين "ويبقى الآن تثمين هذا المكسب في السياسات القطاعية لا سيما في استراتيجية تطوير المؤسسة الجزائرية". ودعا الوزير المؤسسات الوطنية لمضاعفة الجهود في ميادين الإنتاج، التسيير وإدراة الاعمال ليس فقط من أجل المحافظة على حصصها في السوق ولكن أيضا من أجل تنميتها، من خلال تحسين تنافسيتها وجعل الفرصة المتاحة من خلال اتفاق الشراكة هذا لصالحها بغية ترقية الصادرات خارج المحروقات. ورفض السيد بن بادة على هامش اللقاء تحميل مسؤولية الاختلالات التي شابت الاتفاق في بداياته للمفاوضين الجزائريين، في الوقت الذي كانت تمر فيه الجزائر بظروف استثنائية. مشيرا إلى أن الجزائر حققت انتصارا سياسيا بإبرامه سنة 2002 لضمان عودتها إلى الساحة الدولية، وبالتالي التأكيد على أنها بلد مرغوب فيه. وفي المقابل، اعترف الوزير بالنقائص التي ميزت الشق التجاري والاقتصادي كون الجزائر لم يكن لديها لا الوقت ولا الخبرة الكافيين للتدقيق في العروض التي تم التفاوض بخصوصها، في وقت تعرضت فيه القاعدة الاقتصادية الوطنية لاهتزازات قوية. وأمام هذا الوضع، وبالنظر إلى عدم التكافؤ في المصالح بين الطرفين، أنشأت الجزائر خلايا متابعة لتقييم الاتفاق، إذ تم بموجبها التأكيد على ضرورة مراجعة الأمور بسبب تضرر المداخيل، وأعطى السيد بن بادة في هذا السياق مثالا عن الخسائر المسجلة بين 2005 و2009 والمقدرة ب2.5 مليار دولار أي ما يعادل 500 مليون دولار سنويا، مضيفا أنه في حال استمرار هذه الوتيرة وبقاء الاتفاق على حاله، فإن الجزائر كانت ستخسر 8.5 ملايير دولار بين 2010 و2017. من جهة أخرى، قال الوزير إن الرهان الحالي يقتضي تحسيس المتعاملين الاقتصاديين بمختلف برامج الاستثمار وإيجاد بنية اقتصادية قوية، موضحا أن الثلاث سنوات الاضافية التي أفضى إليها الاتفاق من شأنها أن تمكن المؤسسات الوطنية من تطوير مؤهلاتها والاستفادة من الظروف الجديدة. كما أضاف أن الاتفاق يضم مواد أخرى يمكن الاستعانة بها بخصوص الاجراءات الحمائية والتي يجب على المتعاملين انتزاعها، انطلاقا من أن الهدف يكمن في تخفيض الاستيراد من أوروبا وتشجيع الانتاج الوطني وفتح السوق لضمان منافسة ترتكز على قواعد سليمة. كون البلاد عازمة على الدفاع عن مصالحها الاقتصادية. وعاد الوزير في مداخلته إلى عرض وتيرة التفكيك الجمركي قبل تعديله والذي كان عائقا فعليا في طريق تطبيق بعض سياسات التنمية للمؤسسة الجزائرية، في حين ساهم في تعزيز تواجد الاتحاد الاوروبي في السوق الجزائرية، مما استلزم إعادة النظر في مستوى التفكيك بالنسبة للفروع الصناعية وإعادة تنظيم التنازلات التعريفية الخاصة بالمنتجات الزراعية التي لها علاقة بالسياسة الزراعية والتجديد الريفي. وأوضح في هذا الإطار أن الجزائر قدمت منذ سنتين عريضة لمراجعة تفكيك التعريفة الجمركية وكذا مراجعة التنازلات التعريفية الزراعية الخاصة بالقطاعات الصناعية والفروع الزراعية، حيث استند المفاوضون الجزائريون الى مواد اتفاقية الشراكة ذات الصلة، أي المادتين 11 و16. فقد نصت المادة 11 على أن الجزائر بإمكانها مراجعة جدول تفكيك التعريفة الجمركية بالنسبة لمجموعة من المواد والتي لا تتجاوز صادراتها نسبة 15 بالمائة من الصادرات الأصلية للاتحاد الاوروبي وان الحق الجمركي المستعاد لا يتعدى نسبة 25 بالمائة. أما فيما يتعلق بالمواد الزراعية والمواد الغذائية، فإن المادة 16 تنص على إعادة تنظيم تنازلات التسعيرة الجمركية الزراعية في حال تغيير السياسة الزراعية. ولهذا كان هدف إعادة المفاوضات الحصول على أجل إضافي من أجل إقامة منطقة تبادل حر وكذا استعادة أو تعليق قيمة الحقوق الجمركية بالنسبة للقطاعات الحساسة لتمكين المؤسسات العمومية والخاصة من الحصول على فرصة إضافية لتحسين مستواها. وقد تقدمت الجزائر يوم 15 جوان 2010 خلال انعقاد الدورة الخامسة لمجلس الشراكة مع الاتحاد الاوروبي بطلب رسمي لمراجعة مخطط التفكيك الجمركي واستمر مسار المفاوضات لاكثر من سنتين ليتم التوصل بعد عقد 8 دورات من المفاوضات إلى اتفاق يضمن إلغاء 25 حصة تعريفية جمركية من المواد الزراعية ممنوحة للاتحاد الاوروبي، إلغاء التفضيلات التعريفية الخاصة بمادتين غذائيتين ممنوحة للشريك الاوروبي، إعادة فتح 9 حصص تعريفية تفضيلية من المواد الزراعية ممنوحة لهذا الشريك أيضا، الى جانب تعديل حصتين تعريفيتين للمنتجات الزراعية الممنوحة له ايضا. فبخصوص المواد الصناعية فقد شملت عملية المراجعة 1058 بندا جمركيا تعريفيا منشأه الاتحاد الاوروبي، وبالنسبة لمنتوجات القائمة الثانية والتي من المفروض أن تخضع لنسبة تفكيك جمركي مقدر ب0 بالمائة في 1 سبتمبر 2012، فقد تقرر الاستفادة من إعادة تطبيق جزئي للحقوق الجمركية على 82 بندا جمركيا تعريفيا للمواد الجد حساسة وكذا من مهلة إضافية مقدرة بأربع سنوات للوصول إلى نسبة 0 بالمائة في سنة 2016 عوضا من 2012. كما تمت الاستفادة من تعليق تطبيق الحقوق الجمركية ل185 بندا جمركيا تعريفيا لفترة إضافية، مدتها سنتان والاستفادة من مهلة إضافية مقدرة بأربع سنوات قبل أن يتم تخفيضها إلى نسبة 0 بالمائة في موعد 2016 عوضا من 2012. وبالنسبة لمواد القائمة الثالثة فقد تقرر إخضاع 174 بندا تعريفيا جمركيا للمواد الجد حساسة لإعادة تطبيق جزئي للحقوق الجمركية بنسبة 23 بالمائة للمواد الخاضعة لنسبة 30 بالمائة و12 بالمائة من المواد الخاضعة لنسبة 15 بالمائة من الحقوق و كذا منح مهلة اضافية مقدرة ب 3 سنوات أي 2020 بدلا من 2017. واستفاد 617 بندا تعريفيا جمركيا من تعليق للحقوق الجمركية بنسبة 21 بالمائة للمواد التي كان يطبق عليها نسبة 30 بالمائة وكذلك تعليق لهذه الحقوق الجمركية بنسبة 10.5 بالمائة من المواد التي كانت خاضعة لنسبة 15 بالمائة وتعليق نسبة 3.5 بالمائة من المواد التي كانت خاضعة ل5 بالمائة لفترة إضافية ممتدة من 2012 إلى 2015 ومهلة إضافية مقدرة بثلاث سنوات، قبل ان يتم الوصول إلى تفكيك جمركي كلي بنسبة 0 بالمائة في موعد 2020 عوضا من 2017. يذكر أن اليوم الاعلامي شارك فيه ممثلون عن وزارات الخارجية، الطاقة والمناجم، التجارة، الصناعة والفلاحة، قدموا في مداخلاتهم شروحات حول المعطيات الجديدة لقطاعاتهم على ضوء التعديلات الجدية لاتفاق الشراكة، ونوهوا بهذا الانجاز الذي من شانه ان ينعكس ايجابا على المسار التنموي للمؤسسات الوطنية وتسهيل انضمام الجزائر لمنظمة التجارة العالمية.