ما تقوم به المصالح المعنية بإزالة فوضى التجارة هذه الأيام، يعد جوابا لعدة تساؤلات وتخمينات تتقاطع في كون الظاهرة "تجذرت" ولم تعد أي جهة قادرة على إزالتها، وهي "التكهنات" التي لطالما تعلق بها الناشطون بالسوق الموازية وحتى المتسوقون الذين - وإن كان بعضهم يتأسف لزوالها- فإن أغلب المواطنين تنفسوا الصعداء، لأن احتلال الشوارع والأرصفة ومداخل العمارات، وما يترتب عنه من تلويث للمحيط أثقل لدى "المواطن المتحضر" من أسعار تنافسية مغرية. وتفسر العملية التطهيرية التي تسهر على تجسيدها مصالح الأمن عجز المصالح البلدية عن تنظيم النشاط التجاري على مستواها، رغم استفادة العديد منها من أسواق جوارية، أنفقت عليها الدولة الملايير، ومنها ما يوجد بباب الزوار وخير مثال بحي اسماعيل يفصح، حيث لا يبعد السوق الجواري الشاغر إلا بأمتار عن طاولات العرض الفوضوي للخضر والفواكه، وكذلك الحال بالنسبة للسوق الجواري بحي الجرف الذي هجره أصحابه نحو الأرصفة. لكن -في المقابل- لا يجوز أن تبقى آلاف المحلات التجارية الموجهة للمهنيين شاغرة ومهملة في وقت يحتاج فيه المواطن إلى مرافق للتبضع واقتناء مستلزماته اليومية، وهي الإشكالية التي يتعين على الجهات الوصية الاهتمام بها وحلها كبديل يحقق المطالب المشتركة ويزيل مفعول محاولات وتصرفات سلبية. ولو نجحت المصالح المعنية في إزالة فوضى العرض لتطهرت العاصمة بالفعل، ولأصبحت شوارعنا وأرصفتنا فضاءات عادية لا متاجر مفتوحة على كل المخاطر.